احتفاءً بذكرى "يوم التأسيس"، الذي يُجسد امتداد إرث القيادة والشجاعة قبل ثلاثة قرون، أطلقت وزارة الدفاع فيلماً مصوراً قصيراً تحت عنوان "العوجا 17:47"، مستوحى من قصة حقيقية مليئة بالبسالة والعزيمة حدثت على الحدود الجنوبية للمملكة.
 ويروي الفيلم المنشور على حساب وكالة الأنباء السعودية في منصة "اليوتيوب"، تفاصيل عملية إنقاذ بطولية لطيّارَيْن علِقا في وادٍ جبلي داخل بيئة معادية، ليخوضا معركة حقيقية، أثبت فيها جنود وضباط القوات المسلحة البواسل مواقفهم البطولية وتضحياتهم، وعكست قيمهم الأصيلة في الشجاعة والإخلاص والتفاني.
 ويحكي الفيلم، قصة حقيقية وقعت في 07 يناير 2018م، عندما تعرضت طائرة مقاتلة تابعة للقوات الجوية الملكية السعودية لعطل فني مفاجئ أثناء عودتها من تنفيذ مهمة عملياتية، مما اضطر طاقمها الجوي الرائد الطيار فهد الحقباني والرائد الطيران عبدالله الزير اللذان كانا يحملان رتبة نقيب (آنذاك) إلى استخدام كراسي النجاة والقفز في منطقة وعرة تكتنفها المخاطر.
 وتعرض الطياران لإصابات جسدية وواجها ظروفاً قاسية تمثلت في بيئة جبلية صعبة، وحصاراً من عناصر معادية حاولت استغلال الموقف، وتحوّل الموقع إلى ميدان شرف، حيث تصدّى الحقباني للعناصر المعادية بعزيمةٍ، بينما حوّل الزير إصابته إلى دافعٍ للمقاومة، في مشهدٍ يُجسّد بسالة وشجاعة الجندي السعودي في دفاعه عن وطنه.
ويسرد الفيلم المصور تفاصيل تفعيل خطة البحث والإنقاذ القتالي من قبل قاعدة الملك خالد الجوية بالقطاع الجنوبي، بقيادة قائد القاعدة (آنذاك) اللواء الطيار الركن سليمان الفايز، وذلك بعد اختفاء طائرة من نوع "تورنيدو" من على شاشة موجه المقاتلات وسماع إشارة إطلاق كرسي النجاة.
 وتنفيذاً لتلك الخطة التي سُميت بـ"العوجا"، جرى استنفار 5 طائرات مقاتلة من نوع «ف 15 إس» وطائرتين مقاتلتين من نوع "ف 15سي" من القوات الجوية الملكية السعودية و 3 طائرات عمودية من نوع "كوقر"، وانطلاقها باتجاه موقع سقوط الطائرة لإنقاذ طاقمها بعد تأكيد نجاتهما من الحادث.
 ويُبرز الفيلم اللحظات الحاسمة للطاقم الجوي، بعد أن اقتربت طائرة الإنقاذ «كوقر» من موقعهما، في وقت كانت تحاول فيه العناصر المعادية التقدم أكثر نحو الطيارين، قبل أن تُلقى قنابل دخانية من طائرة الإنقاذ، وتنقضّ عناصر القوات الخاصة الجوية لإنقاذهما وإخلائهما إلى أرض الوطن عند الساعة 17:47 مساءً في وقت قياسي بلغ 21 دقيقة فقط من بدء المهمة وحتى إنهائها.
ولم تكن السرعة الفائقة للإنقاذ مجرد رقم، بل دليل على جاهزية واحترافية القوات المسلحة السعودية، فخلال 21 دقيقة، انتقل الطاقم الجوي من مواجهة الموت في أرض معادية إلى أجنحة الأمان في مستشفيات القوات المسلحة، ليعودا لاحقاً إلى سماء الوطن، يحملان جراحاً تُكلّل إصراراً على الدفاع عن الوطن وترابه.
ولم يقتصر الفيلم على سرد التفاصيل العسكرية الدقيقة، بل نَحَتَ صورة رمزية لعقيدة الجندي السعودي تتمثل في الشجاعة والتضحية حتى الرمق الأخير، فالعملية لم تكن مجرد إنقاذ للطاقم الجوي، بل تأكيد على أن "الوطن لا ينسى أبناءه"، وأن القوات المسلحة السعودية قادرة على تحويل التحديات إلى انتصارات.
 ويرسخ الفيلم المصور الذي جاء تزامناً مع "يوم التأسيس"، رسالة مفادها أن ما بدأه الأجداد بالسيف يحميه الأحفاد بالعلم والبسالة، فالبطولة التي سطّرها الطاقم الجوي وقوات الإنقاذ ليست حدثاً عابراً، بل جزءاً من سلسلة ملاحم تُثبت أن الجيش السعودي درع لا يُثقب، وسيفٌ لايُكسر.