شهدت الساحة اليمنية تصعيدًا عسكريًا جديدًا مع تنفيذ الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت مواقع للحوثيين في صنعاء وصعدة، ما أسفر عن مقتل قرابة 39 شخصًا وإصابة العشرات. تأتي هذه الضربات في سياق أوسع من المواجهة الأميركية مع الأذرع الإيرانية في المنطقة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد المخاوف من انزلاق المنطقة إلى دائرة عنف أوسع.
مركز رصد للدراسات السياسية والأستراتيجية في لندن تطرق لهذه الضربات ، مشيرا بورقة بحثية أصدرها في البداية إلى السياق العام، حيث لا تمثل هذه الضربات الأميركية حدثًا معزولًا، بل تندرج ضمن سلسلة من العمليات العسكرية التي استهدفت في الآونة الأخيرة مجموعات مدعومة من إيران في عدة دول، من بينها العراق وسوريا. تشير هذه العمليات إلى توجه أميركي حازم يهدف إلى تقليص نفوذ إيران الإقليمي، وردع محاولاتها لتعزيز حضورها العسكري عبر وكلائها.
وعن دوافع الضربات تقول الورقة :  يمكن فهم الضربات الأميركية في اليمن من خلال مجموعة من الدوافع:
1.    الردع الاستراتيجي: تسعى الولايات المتحدة من خلال هذه العمليات إلى توجيه رسالة حازمة للحوثيين وحلفائهم بأن استهداف المصالح الأميركية أو تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر لن يمر دون رد.
2.    التضييق على إيران: الضربات تأتي ضمن استراتيجية أميركية تهدف لتقويض النفوذ الإيراني في المنطقة من خلال استهداف وكلائها المباشرين.
3.    دعم حلفاء واشنطن: تمثل هذه الضربات دعمًا غير مباشر للحلفاء الإقليميين، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية وإسرائيل، في مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي.
الرسائل السياسية: بالإضافة إلى كونها ردًا عسكريًا مباشرًا، فإن هذه الضربات تحمل رسائل سياسية تتجاوز الحوثيين لتصل إلى أطراف أخرى في المنطقة:
1.    رسالة إلى إيران: تؤكد واشنطن من خلال هذه الضربات أن صبرها تجاه التصعيد الإيراني بدأ ينفد، وأنها مستعدة لاستخدام القوة عند الضرورة.
2.    رسالة إلى حزب الله: يشكل استهداف الحوثيين تحذيرًا مبطنًا لحزب الله، الذي يعد أحد أبرز وكلاء إيران في المنطقة.
3.    رسالة إلى حركة حماس: تعكس الضربات موقفًا أميركيًا واضحًا من محاولات الجماعات المسلحة في المنطقة استخدام القوة لفرض أجنداتها السياسية.
وعن التداعيات المحتملة تقول الورقة آنه لمن المتوقع أن تترتب على هذه الضربات تداعيات عدة، من أبرزها:
•    تصعيد محتمل: قد يدفع هذا التصعيد الحوثيين وحلفاءهم إلى شن مزيد من الهجمات على المصالح الأميركية وحلفائها في المنطقة.
•    تعزيز الردع: قد تؤدي الضربات إلى تعزيز موقف الردع الأميركي وتقويض قدرة الحوثيين على تهديد أمن المنطقة.
•    إعادة رسم التوازنات: يمكن أن تساهم هذه العمليات في إعادة رسم التوازنات الإقليمية، خصوصًا إذا ما استمرت الحملة العسكرية لفترة أطول.
وفي الخاتمة تقول الورقة إن هذه الضربات الأميركية الأخيرة في اليمن تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. ورغم أن هذه العمليات تحقق أهدافًا تكتيكية آنية، إلا أن نجاحها في تحقيق أهدافها الاستراتيجية سيظل مرهونًا بقدرة واشنطن على إدارة التصعيد وتجنب الانزلاق إلى حرب شاملة. في الوقت ذاته، تشكل هذه الضربات رسالة واضحة إلى الأطراف الإقليمية الفاعلة بأن قواعد الاشتباك قد تغيرت، وأن الولايات المتحدة عازمة على حماية مصالحها وردع أعدائها عند الضرورة.