لم تكن الكويت وطنا لأهلها فحسب إنما مقصدا لكل سائل ومريد ومدرسة لنهج متأصل بقيم العطاء والخير أسسها الآباء والأجداد وخلدتها الأيام على مر التاريخ منها معروف وموثق ويعود إلى 400 عام دون في الكتب والمخطوطات والوثائق أما جذور العمل الخيري التي امتدت عميقا عبر تاريخها قبل ظهور النفط فكانت وستبقى علامة فارقة طبقت شهرتها الآفاق.
ومنذ عام 1613 وحتى يومنا هذا لم يغب العطاء عن أرض الكويت التي سطر أبناؤها حكاما وشعبا أروع الأمثلة في عمل الخير والعطاء غير المحدود على جميع الأصعدة حتى أصبح العمل الخيري سمة الكويت والكويتيين.
ولأن العمل الخيري ليس سلوكا لدى الكويتيين فحسب بل هو نهج راسخ أيضا لدى حكام الكويت الذين كتب التاريخ مآثرهم ومحاسنهم بحروف من ذهب مثل (جابر العيش) و(جابر العثرات) والشيخ مبارك الصباح الذي أسس مضيف (عيش بن عمير) كما أسست في عهده أول جمعية خيرية كويتية عام 1913 وهي الجمعية الخيرية العربية على يد فرحان الخضير.
 

- توطين العمل الخيري هو أحد الأهداف الأساسية التي نعمل عليها في مركز أثر التطوعي
- الرحلات التطوعية تعزز روح التضامن والتفاعل المباشر بين المتطوعين والمجتمعات المحتاجة

 
أكدت عبير يوسف الهجرس، مدير مركز أثر للعمل التطوعي التابع لنماء الخيرية، أن مركز أثر للعمل التطوعي لم يكن مجرد فكرة، بل هو استجابة طبيعية لحاجة مجتمعية ملحّة إلى تعزيز روح كما أنه يسعى إلى تحقيق أهداف متعددة تتكامل فيما بينها لتشكيل منظومة تطوعية مستدامة وفعالة مؤكدة أن المركز لديه مجموعة واسعة من البرامج والمشاريع التطوعية التي تهدف إلى تحقيق تأثير ملموس في المجتمع، وكل برنامج مصمم بحيث يلبي احتياجات محددة للفئات المستهدفة.
وأوضحت الهجرس أن الرحلات التطوعية تمثل واحدة من أهم الأنشطة التي ننظمها، لأنها لا تقتصر على تقديم المساعدات فقط، بل تعزز أيضاً روح التضامن والتفاعل المباشر بين المتطوعين والمجتمعات المحتاجة مبينة أن مركز أثر للعمل التطوعي لا يعمل بمعزل عن التوجهات الوطنية، بل هو جزء من رؤية الكويت 2035 التي تعزز من ثقافة الكويت الإنسانية وتطرقت الهجرس إلى العديد من النقاط في حوارها مع الوسط إلى تفاصيله
< كيف بدأ مركز أثر للعمل التطوعي، وما هي الرؤية التي ينطلق منها في عمله؟
- مركز أثر للعمل التطوعي لم يكن مجرد فكرة، بل هو استجابة طبيعية لحاجة مجتمعية ملحّة إلى تعزيز روح العطاء وتنظيم جهود المتطوعين بما يحقق أقصى فائدة ممكنة، هذا وقد انطلق المركز من إيمان راسخ بأن التطوع هو محرك رئيسي للتنمية المجتمعية، وأنه لا يقتصر على تقديم المساعدة المادية، بل يشمل التثقيف، والتدريب، وبناء القدرات، والتأثير الإيجابي في مختلف مجالات الحياة.
الرؤية التي يستند إليها المركز تقوم على ترسيخ ثقافة التطوع كجزء لا يتجزأ من هوية المجتمع، بحيث يصبح العمل التطوعي نمط حياة وليس مجرد نشاط موسمي، ونحن في المركز نؤمن بأن الشباب هم القوة الدافعة للتغيير، ولذلك نحرص على إشراكهم وتدريبهم وتأهيلهم ليكونوا قادة في هذا المجال، قادرين على إحداث تغيير حقيقي ومستدام.
كما أن المركز لا يعمل فقط على تنفيذ مبادرات تطوعية، بل يسعى إلى خلق بيئة داعمة ومحفزة للمتطوعين، توفر لهم الأدوات والتدريب والتوجيه اللازم للنجاح في مهامهم،ونحن نهتم بتمكين الأفراد وتعزيز شعورهم بالمسؤولية المجتمعية، مما يجعلهم أكثر وعياً بأهمية دورهم في تنمية مجتمعهم كما نعمل باستمرار على تطوير برامجنا لتتناسب مع احتياجات المجتمع المتغيرة،ولدينا رؤية طويلة الأمد تتمثل في توسيع نطاق تأثيرنا ليشمل مجالات جديدة، مثل البيئة، والصحة، والتعليم، والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى الاستفادة من التكنولوجيا في إدارة وتنفيذ المشاريع التطوعية.
<  ما هي الأهداف الرئيسية التي يسعى المركز لتحقيقها؟
- مركز أثر للعمل التطوعي يسعى إلى تحقيق أهداف متعددة تتكامل فيما بينها لتشكيل منظومة تطوعية مستدامة وفعالة، أولى هذه الأهداف هي تعزيز قيم المسؤولية المجتمعية وروح التعاون بين الأفراد، من خلال نشر ثقافة التطوع، وتحفيز الناس على المشاركة في الأنشطة الخيرية التي تساهم في تحسين حياة الآخرين أما الهدف الثاني فيتمثل في توفير فرص تطوعية ذات تأثير حقيقي، حيث نسعى إلى ربط المتطوعين بالمشاريع التي تتناسب مع مهاراتهم واهتماماتهم، مما يضمن استثمار جهودهم بالشكل الأمثل، ونحن نعمل على تنويع المبادرات لتشمل مجالات متعددة، مثل دعم الأسر المتعففة، والرعاية الصحية، والتعليم، والإغاثة الإنسانية، حتى يتمكن الجميع من المساهمة وفقاً لما يجيدونه.
كما نهدف إلى تمكين الشباب من خلال التدريب والتأهيل، إذ نقدم ورش عمل ودورات تدريبية تساعدهم على تطوير مهاراتهم القيادية، وتنمية قدراتهم في العمل الجماعي والتخطيط والتنفيذ، ونؤمن بأن التطوع لا يقتصر على تقديم المساعدة فقط، بل هو أيضاً وسيلة للتعلم والنمو الشخصي، ولذلك نحرص على توفير بيئة داعمة تتيح للمتطوعين التطور على المستويين الشخصي والمهني.
وأخيراً، نعمل على توسيع شراكاتنا مع المؤسسات المحلية والدولية لتعزيز تأثيرنا وتحقيق الاستدامة لمبادراتنا، نحن نسعى لأن يكون لمركز أثر دور ريادي في تطوير العمل التطوعي، وأن نكون نموذجاً يحتذى به في كيفية استثمار الطاقات البشرية لخدمة المجتمعات المحتاجة، فلدينا شراكات مع جمعيات خيرية وإنسانية ولدينا شراكات مع العديد من المبادرات التي انطلقت من الكويت.
<  ما هي أبرز المشاريع والبرامج التي ينفذها المركز لتعزيز العمل التطوعي؟
- لدينا مجموعة واسعة من البرامج والمشاريع التطوعية التي تهدف إلى تحقيق تأثير ملموس في المجتمع، وكل برنامج مصمم بحيث يلبي احتياجات محددة للفئات المستهدفة، على سبيل المثال، برنامج “واعد” يُعتبر من أهم المبادرات التي نعمل عليها، حيث يركز على تدريب وتأهيل الشباب في مجالات القيادة والتطوع، ويمنحهم الأدوات اللازمة ليكونوا صناع تغيير حقيقيين في مجتمعهم.
أما على الصعيد الميداني، فنحن نقوم بتنفيذ حملات إغاثية داخل وخارج الكويت، تشمل توزيع المساعدات الغذائية، والملابس، والأدوية، والمستلزمات الأساسية للأسر المحتاجة واللاجئين، هذه الحملات تتطلب تنسيقاً دقيقاً وتعاوناً مع الجهات المحلية والدولية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بأسرع وقت ممكن.
كذلك، لدينا مشاريع مستدامة مثل برنامج دعم الأسر المتعففة، حيث نعمل على تقديم مساعدات للأسر محدودة الدخل، تشمل توفير المواد الغذائية، وتسديد رسوم التعليم، وتوفير الرعاية الصحية للأطفال، نؤمن بأن المساعدات الطارئة مهمة، لكن الحلول المستدامة أكثر تأثيراً، ولهذا نسعى إلى تمكين هذه الأسر عبر برامج التأهيل والتدريب المهني.
ولا ننسى المبادرات التعليمية التي تهدف إلى دعم الطلبة من الأسر المحتاجة، سواء من خلال توفير المنح الدراسية أو توزيع الحقائب المدرسية أو تنظيم دورات تقوية مجانية، نعتبر أن التعليم هو أقوى سلاح يمكن أن يُحدث تغييراً جذرياً في حياة الأفراد، ولهذا نحرص على الاستثمار فيه بشكل مستمر وليدنا العديد من الفرق المهتمة بهذا الجانب ومنها فريق منار التطوعي ولديه سنويا مشروع لدعم طلاب المدارس من خلال توزيع الحقائب المدرسية والمستلزمات الدراسية لهم.
< هل يمكنكم إطلاعنا على بعض الرحلات التطوعية التي قام بها المركز وأثرها على المجتمعات المستفيدة؟
- الرحلات التطوعية تمثل واحدة من أهم الأنشطة التي ننظمها، لأنها لا تقتصر على تقديم المساعدات فقط، بل تعزز أيضاً روح التضامن والتفاعل المباشر بين المتطوعين والمجتمعات المحتاجة، واحدة من أبرز هذه الرحلات كانت إلى الأردن لدعم اللاجئين السوريين، حيث قام فريقنا بتوزيع الإغاثات العاجلة، وتقديم الدعم النفسي للأطفال، وتنفيذ أنشطة ترفيهية وتعليمية لهم.
كذلك، نظمنا رحلات إلى العديد من الدول الأفريقية مثل كينيا وتنزانيا وتشاد، حيث قدمنا المساعدات الغذائية والطبية للأسر المحتاجة، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة “كسوة العيد” التي هدفت إلى إسعاد الأطفال وتخفيف معاناة العائلات، وأيضا وقمنا بحفر الآبار وإقامة المخيمات الطبية لإجراء العمليات المختلفة منها عمليات المياه البيضاء وقد تفاعل المتطوعون مع السكان المحليين، وتعرفوا على احتياجاتهم عن قرب، هذه الرحلات ليست مجرد أنشطة خيرية، بل هي تجارب إنسانية تثري المتطوعين وتوسع آفاقهم، وتجعلهم أكثر وعياً بالتحديات التي يواجهها العالم.
أثر هذه الرحلات يظهر جلياً ليس فقط على المجتمعات المستفيدة، بل أيضاً على المتطوعين أنفسهم، حيث يعودون إلى بلادهم بروح مختلفة، مليئة بالحماس والرغبة في إحداث تغيير حقيقي في مجتمعاتهم. نحن نؤمن بأن التطوع ليس فقط عملاً خيرياً، بل هو أسلوب حياة يغير الإنسان قبل أن يغير الآخرين.
< كيف يساهم مركز أثر للعمل التطوعي في تحقيق رؤية الكويت 2035 في مجال العمل الخيري والتطوعي؟
- مركز أثر للعمل التطوعي لا يعمل بمعزل عن التوجهات الوطنية، بل هو جزء من رؤية الكويت 2035 التي تعزز منثقافة الكويت الإنسانية، نحن نؤمن بأن العمل التطوعي هو أحد المحركات الأساسية للتنمية المستدامة، ولذلك نحرص على أن تكون جميع مشاريعنا وأنشطتنا متوافقة مع أهداف الرؤية، سواء من حيث تمكين الشباب، أو دعم الفئات المحتاجة، أو توظيف التكنولوجيا في العمل الخيري.
أحد الجوانب التي نركز عليها هو تأهيل وتدريب الشباب ليكونوا قادة في مجال التطوع، وهذا يتماشى مع هدف تطوير رأس المال البشري الذي تُركّز عليه الرؤية الوطنية، من خلال الدورات التدريبية وورش العمل، نقوم بإعداد الشباب ليكونوا قادرين على قيادة المبادرات الإنسانية، سواء داخل الكويت أو على المستوى الإقليمي والدولي، نعتبر أن الاستثمار في المتطوعين هو استثمار في مستقبل الكويت، حيث يصبحون أكثر وعياً بمسؤولياتهم المجتمعية وأكثر قدرة على إحداث تأثير إيجابي.
كذلك، نحن نسعى إلى دمج التكنولوجيا في العمل التطوعي، عبر استخدام المنصات الرقمية لتنظيم المبادرات، وتسهيل تسجيل المتطوعين، وإدارة المشاريع الخيرية بكفاءة،وهذا يواكب التحول الرقمي الذي تشهده الكويت، ويساهم في رفع مستوى الاحترافية في العمل الإنساني فمن خلال هذه التقنيات، نستطيع الوصول إلى شرائح أوسع من المتطوعين، وجذب المزيد من الشباب للمشاركة في العمل الخيري.
ولا يمكننا أن نتحدث عن رؤية الكويت دون الإشارة إلى دورها الريادي في المجال الإنساني، حيث تم تكريمها من قبل الأمم المتحدة باعتبارها “مركزاً للعمل الإنساني”، نحن في مركز أثر نعتبر أنفسنا جزءاً من هذا الإرث الإنساني، ونعمل جاهدين على تعزيز سمعة الكويت كدولة رائدة في العمل الخيري والتطوعي، من خلال إطلاق مشاريع ذات أثر حقيقي ومستدام على المجتمع.
<  كيف يدعم مركز أثر للعمل التطوعي فكرة توطين العمل الخيري والإنساني داخل الكويت؟
- توطين العمل الخيري هو أحد الأهداف الأساسية التي نعمل عليها في مركز أثر، حيث نؤمن بأن العمل الخيري يجب أن يكون جزءاً من ثقافة المجتمع المحلي، وأن يعتمد على كوادر وطنية قادرة على قيادة المبادرات الإنسانية بكفاءة واستدامة لهذا السبب، نركز على إعداد جيل جديد من المتطوعين الذين يمتلكون المهارات والمعرفة اللازمة لتنفيذ المشاريع الخيرية داخل الكويت، بدلاً من الاعتماد فقط على الجهود الخارجية.
إحدى الطرق التي نعتمدها في توطين العمل الخيري هي إنشاء شراكات مع المؤسسات المحلية، سواء كانت حكومية أو خاصة أو أهلية، لضمان تنفيذ المشاريع بموارد محلية وبمشاركة أفراد المجتمع، على سبيل المثال، شراكتنا مع الهيئة العامة للشباب والرياضة ووزارة الداخلية وشراكتنا مع الأمانة العامة للأوقاف.
كما نركز على تعزيز ثقافة التطوع بين الكويتيين والمقيمين، بحيث يصبح العمل الإنساني جزءاً طبيعياً من حياتهم اليومية، نحن نؤمن أن كل فرد يمكن أن يكون له دور في دعم المحتاجين، سواء من خلال التبرع بالوقت أو المهارات أو الموارد، لهذا السبب، نستعدلإطلاق حملات توعوية لتعريف المجتمع بأهمية التطوع وأثره في بناء مجتمع أكثر ترابطاً وتعاوناً.
وأخيراً، نحرص على تبنّي أفضل الممارسات العالمية في إدارة العمل الخيري، من حيث الشفافية والحوكمة، لضمان استدامة المشاريع وتحقيق أقصى استفادة للمجتمع المحلي فنحن لا نريد فقط تقديم المساعدة، بل نهدف إلى خلق حلول دائمة للمشاكل المجتمعية، بحيث يكون العمل الخيري جزءاً من استراتيجية التنمية الوطنية، وليس مجرد مبادرات مؤقتة.