استبعد مسؤول جزائري بارز توجه البلاد إلى حرب مع مالي، وذلك على خلفية إسقاط سلاح الجو الجزائري مسيّرة مالية مطلع الشهر الحالي.جاء ذلك بعد أن أثار إعلان السلطات عن قانون يخص «التعبئة العامة» قلقاً كبيراً في البلاد، وجاء في سياق دعاية عسكرية غير عادية بشأن إمكانية دخول نخبة القوات الخاصة في مواجهة مع «عدو خارجي».
وصادق مجلس الوزراء، على مشروع قانون يضع الأسس القانونية لـ«التعبئة العامة»، وذلك في ارتباط مع نص دستوري يتيح للرئيس إعلانها، وقد بقي حتى الآن في وضعية «انتظار»، حيث خلفت إثارته المفاجئة على الساحة السياسية تساؤلات ومخاوف. وانتشرت بسرعة أخبار عن «عزم السلطات استدعاء جنود الاحتياط (نحو 300 ألف شخص) استعداداً لحرب وشيكة».
في هذا السياق، أجرى اللواء عبد العزيز مجاهد، المدير العام لـ«المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة» التابع للرئاسة، مقابلة مع الإذاعة العمومية، لطمأنة الجزائريين، لكن دون أن يزيل كلامُه تماماً الشكوكَ المحيطة بالأهداف الحقيقية للنص القانوني المرتقب.
وأكد اللواء أن هذا المشروع «لا يأتي نتيجة حالة طوارئ، بل يندرج ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز تنظيم المجتمع في مواجهة التحديات المعاصرة». وقال إن مشروع «قانون التعبئة العامة إطار دستوري بنيوي يحدد المسؤوليات الفردية والجماعية في حالات الأزمات، مع تعزيز روح المواطنة والتماسك الوطني».
وكانت الرئاسة الجزائرية قد أعلنت، في بيان صدر أن مجلس الوزراء، برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، صادق في اجتماعه على مشروع قانون يخص «التعبئة العامة» يهدف إلى «تحديد الأحكام المتعلقة بتنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة، وفقاً لما هو منصوص عليه في (المادة99) من الدستور».
وتنص هذه المادة على أنه «لرئيس الجمهورية الحق في اتخاذ قرار التعبئة العامة في مجلس الوزراء، بعد الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن، واستشارة رئيس مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية العليا)، ورئيس المجلس الشعبي الوطني (غرفة البرلمان الثانية)».
ولفت مراقبون إلى توقيت إعادة طرح هذا المشروع، ارتباطاً بـ«السياق الجيوسياسي الإقليمي الذي يشهد حالة من عدم الاستقرار، وأيضاً بحكم أن الجزائر توجد في منطقة تطبعها توترات متعددة الأبعاد؛ أمنية واقتصادية».
وبالنسبة إلى قطاع واسع من الجزائريين، فإن تقديم هذا النص يبعث على التفكير في استعداد ضمني لمواجهة تهديدات خطيرة، وربما حتى سيناريوهات صراع، دون أن تقدم السلطات توضيحات دقيقة لطبيعة تلك التهديدات.