في خطوة إنسانية تجسد الشراكة الفاعلة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، قام وفد من رؤساء وممثلي الجمعيات الخيرية في الكويت، صباح اليوم الإثنين، بزيارة ميدانية إلى السجن المركزي، ضمن المرحلة الثانية من مبادرة "ساندهم"، بحضور العميد فهد العبيد، مدير عام الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية، ورئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية سعد مرزوق العتيبي، وعدد من الشخصيات الخيرية والحقوقية.
هذا وقد قال مدير عام الإدارة العامة للمؤسسات الإصلاحية العميد فهد العبيد إن المؤسسات الإصلاحية تشهد اليوم مرحلة متقدمة من الشراكة المجتمعية بفضل مبادرة "ساندهم"، والتي تمثل أحد النماذج الوطنية الرائدة في التعاون بين وزارة الداخلية والديوان الوطني لحقوق الإنسان ونماء الخيرية وجمعية البناء البشري لخدمة النزلاء داخل السجن المركزي.
وأضاف العبيد: بدأت المبادرة في سبتمبر 2023، وتمكنا خلالها من تنفيذ 10 مشاريع تنموية وإنسانية ضمن المرحلة الأولى، واليوم، ونحن نخطو إلى المرحلة الثانية، فإننا نعمل على إطلاق أكثر من 40 مشروعًا جديدًا تشمل التدريب المهني، التأهيل، الدعم النفسي، وتطوير البنية التحتية للمؤسسات الإصلاحية."
وأشار إلى أن أكثر من 10 جمعيات خيرية تشارك اليوم في اجتماعات تنسيقية وذلك ضمن جهودها في هذه المبادرة حيث تقوم هذه الجمعيات بزيارة ميدانية للمشاريع المقامة حالياً والمشاريع المزمع اقامتها، في سباق إنساني وخيري يُجسد روح التعاون والتكامل بين مؤسسات العمل الخيري الكويتي.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن الجمعيات الخيرية الكويتية أثبتت جدارتها في تنفيذ المشاريع داخل الكويت وخارجها، وهي قادرة بإذن الله على مواصلة هذا العطاء المبارك بما يخدم الوطن والمجتمع.
ومن جانبه قال سعد مرزوق العتيبي رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية: "مبادرة ساندهم ليست مجرد مشروع مرحلي، بل هي نموذج حيّ للتكامل الوطني بين مؤسسات الدولة والقطاع الخيري والخاص، للقيام بدور مشترك في دعم المؤسسات الإصلاحية، وتعزيز رسالتها النبيلة في إصلاح النزلاء، وتهيئتهم للعودة إلى المجتمع أفرادًا فاعلين وبنّائين.
وأضاف العتيبي: ما نشهده اليوم هو مرحلة مفصلية في حياة الإنسان، والقطاع الخيري الكويتي، بعطائه الأصيل، يقف في الصفوف الأمامية لمساندة هذه المبادرة التي يتبناها الديوان الوطني لحقوق الإنسان، وبمشاركة جهات رسمية وأهلية متعددة، تُجسّد روح المسؤولية المجتمعية والعمل الوطني التشاركي.
ولعلّ من المهم أن نُشير إلى أن العمل الخيري داخل الكويت هو جهد ممتد ومتجذّر، يمثل 38% من مجمل الإنفاق الخيري، كما أكدته الإحصاءات المنشورة بالتعاون بين الاتحاد ووزارة الشؤون الاجتماعية، وهي نسبة مشرّفة تعكس حجم التزام الجمعيات تجاه الداخل الكويتي، فلقد أثبتت الجمعيات الخيرية الكويتية خلال الأزمات، ومنها جائحة كورونا، أنها حاضرة، واعية، قادرة على الاستجابة السريعة، وأنها شريك موثوق في التنمية الاجتماعية.
أما فيما يخص اللوائح والضوابط المنظمة للعمل الخيري، قال العتيبي أنها جاءت منسجمة مع تطلعاتنا، وتعزز من مسيرة الشفافية والثقة التي نحرص جميعًا على ترسيخها، وهو ما نعتبره تأكيدًا على عراقة العمل الخيري في الكويت، وامتداده التاريخي الذي نفخر به جميعًا، ونتمنى أن تستمر هذه المسيرة على ذات النهج الذي خطه الآباء والأجداد، بدعم من الدولة وتعاون الجميع.
وفي هذا السياق، أكد العتيبي أن الجمعيات الخيرية تلتزم – وبكل حرص ومسؤولية – باتخاذ كافة الموافقات والتصاريح اللازمة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وقبل إطلاق أي مشروع خيري، وذلك التزامًا بالأطر التنظيمية والضوابط القانونية. وهو ما يعكس جدّية الجمعيات في الحفاظ على نهج الشفافية والتكامل، والحرص على أن تبقى مشاريعها في المسار الصحيح، الذي يخدم الوطن ويصون الثقة المجتمعية بها.
وتوجه العتيبي بالشكر إلى الجهات الحكومية، وفي مقدمتها لجنة العمل الخيري، على تعاونهم المثمر، ولجميع الجمعيات الخيرية على ما قدمته وتقدمه من عمل نقي وصادق لخدمة الكويت وأهلها، داخل الوطن وخارجه."
ومن جانبه قال بدر سعود السميط مدير عام الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية: تُجسد مبادرة (ساندهم) إحدى المبادرات الوطنية الرائدة التي تنطلق برعاية كريمة من الديوان الوطني لحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية، وهي خطوة استراتيجية تعكس التلاحم بين مؤسسات الدولة والقطاع الخيري في دعم الفئات المحتاجة داخل المؤسسات الإصلاحية.
وأكد أن وجود الجمعيات الخيرية اليوم في هذا الموقع هو تعبير صادق عن التزامها بدورها الوطني والإنساني، ومشاركتها الفاعلة تأتي من إيمانها العميق بأهمية دعم النزلاء، لا من باب الإحسان فحسب، بل من منطلق المسؤولية المجتمعية المشتركة.
وتابع السميط: لقد طُرحت أمامنا مشاريع متعددة تمس واقع النزلاء واحتياجاتهم، وسنعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية لتبني ما يمكن تنفيذه منها، بما يُسهم في إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع بشكل إيجابي وفعّال.
واختتم السميط: نحن أمام تجربة ملهمة في العمل المشترك، حيث اجتمعت القلوب والجهود في لقاء تنسيقي بين الجمعيات الخيرية للتباحث حول أفضل السبل لدعم هذه المبادرة، والتي نراها علامة مضيئة في مسيرة خدمة المجتمع المحلي، بكل فئاته وأطيافه."
ومن جانبه قال وليد البسام رئيس قطاع المشاريع والتنمية في نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي: "نتوجه بجزيل الشكر لوزارة الداخلية على ما أتاحته من فرص نوعية، كان من ثمارها تشييد عدد من المباني داخل السجن المركزي، ضمن المرحلة الأولى من مبادرة ساندهم، والتي أنجزت خلالها نماء الخيرية – ولله الحمد – أربع منشآت حيوية تسهم في دعم النزلاء وتأهيلهم، ونحن اليوم، في مستهل المرحلة الثانية، نؤكد التزامنا بمواصلة هذه المسيرة، حيث نتبنى حزمة جديدة من المشاريع التي تستهدف تعزيز الرعاية المجتمعية للنزلاء، وتحقيق أهداف سامية تتمثل في الإصلاح والتمكين وإعادة الدمج المجتمعي.
وأوضح البسام: أن التعاون الوثيق بين نماء الخيرية والديوان الوطني لحقوق الإنسان والبناء البشري ووزارة الداخلية في هذا المشروع، يمثل أنموذجًا مشرفًا للشراكة البنّاءة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخيري، وهو ما يعزز من فرص بناء مستقبل أفضل لهذه الفئة، عبر برامج تعليمية وتأهيلية وإنسانية تليق بكرامتهم وتساعدهم على بدء حياة جديدة بعد الإفراج، وفي ظل هذا التكاتف المبارك بين الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية، نؤمن بأننا نرسم معًا لوحة من الأمل، تعكس روح الكويت المتضامنة، وتجسد القيم الأصيلة التي تأسس عليها هذا الوطن الكريم. وإن ما تقدمه نماء الخيرية ما هو إلا صورة من صور الوفاء لمسؤوليتها المجتمعية، وتعبير عن التزامها بمبدأ الشراكة الحقيقية في خدمة الإنسان، أينما كان، وخصوصًا في أحلك ظروفه."