يرى الدكتور سالم الشمري، أخصائي أمراض الدم والأورام في مركز الكويت لمكافحة السرطان، أن صعوبة المرض تنبع من كونه ذي أوجه متعددة، إذ يحتمل أن تمتد آثاره إلى الجلد والرئتين والعينين والجهاز الهضمي والمفاصل، مما يجعل عملية التشخيص والإدارة العلاجية تحديًا صعبًا يتطلّب خبرات عالية وتضافر جهود بين مختلف التخصصات.
في حالات عديدة، لا تنتهي رحلة علاج المرضى الذين خضعوا لزراعة الخلايا الجذعية بانتهاء فترة النقاهة، بل يخوضون بعدها مرحلة جديدة حافلة بالتحديات الصحية، وفي مقدمتها داء الطعم ضد المضيف المزمن (cgvhd)، حيث ينشأ هذا المرض المناعي المعقد عندما تهاجم خلايا المناعة المزروعة أنسجة المريض نفسه، مما يؤدي إلى خلق سلسلة من الأعراض والمضاعفات التي قد تطال مختلف أعضاء الجسم.
ويوضح الدكتور الشمري أن منظومة الدعم الحالية تعاني من فجوات واضحة، وبخاصة فيما يتصل بتوفير أدوات موحدة لتقييم شدة المرض وتطور حالته، بالإضافة إلى محدودية الخيارات العلاجية المتخصصة. ومن هنا تبرز أهمية إدخال علاجات تستهدف آلية المرض بشكل مباشر، بدلًا من التركيز على مجرد السيطرة على الأعرض.
وأما عن الناحية النفسية والجسدية، فيواجه المرضى أعباءً ثقيلة، ولا سيما عند تشخيصهم بهذا المرض بعد تجاوزهم لمعركة السرطان وزراعة الخلايا. وتتمثل هذه الأعباء الإضافية في الشعور بالإحباط، والتعب المزمن، والقلق من تدهور الحالة الصحية، ما يضع المريض في موقف يستدعي رعاية متكاملة تشمل الدعم النفسي إلى جانب العلاج الطبي.
وتشير لمى صالح، المدير العام للأدوية العامة في سانوفي بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، إلى أن في الأمراض الصعبة، مثل مرض الطعم ضد المضيف المزمن، كل تقدم طبي مهم - وكل خطوة للأمام تخفف عبئًا ثقيلًا عن المرضى وعائلاتهم. حوالي 50% من مرضى زراعة الخلايا الجذعية قد يصابون بهذه الحالة، في حين أن خيارات العلاج لا تزال محدودة للغاية. وتلتزم سانوفي بالشراكة مع أنظمة الرعاية الصحية المحلية لتزويد الأطباء بحلول جديدة لتلبية الاحتياجات المتطورة. ويعكس هذا مسؤوليتها الأوسع لضمان وصول الابتكار إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه، خاصة أولئك الذين يعيشون مع احتياجات طبية غير ملباة.
لكن المشهد الطبي يتغير تدريجيًا ويتطور دائمًا، ونشهد اليوم دخول علاجات جديدة تعتمد على تقنيات حديثة في تعديل الاستجابة المناعية، والتي تشكل بارقة أمل في تحسين جودة الحياة وتعزيز قدرة الأطباء على التحكم في المرض بطريقة أكثر دقة وكفاءة وفعالية.
وفي ظل هذه التحديات القائمة، والتعقيدات الكثيرة، تبقى الحاجة ماسة إلى تعزيز منظومة الدعم الطبي، وتدريب الفرق العلاجية، وتوفير التثقيف اللازم للمرضى، لضمان التعامل الأمثل مع هذا المرض المعقد.