من بين المآذن التي تزين سماء الكويت، يبرز مسجد العثمان كأحد أجمل وأقدم المساجد في البلاد، يجمع بين روح الإيمان وفن العمارة الإسلامية الحديثة، ليبقى شاهدًا على عطاء أسرةٍ تركت بصمة في مسيرة العمل الخيري.
واليوم، يُضاف إلى سجل إنجازاته محطة جديدة من التميز.

خلال فعاليات المنتدى الخليجي لترشيد الكهرباء والماء المنعقد في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي في نوفمبر 2025، وتحت رعاية وحضور معالي وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، ووزير المالية، ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية بالوكالة، الدكتور صبيح عبدالعزيز المخيزيم، توّج مسجد المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان بـ"جائزة التميز الخليجي لكفاءة الطاقة وترشيد الكهرباء والماء لعام 2025" المُقدمة من وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة ولجنة الترشيد وخدمات المشتركين التابعة للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ويأتي هذا الإنجاز ضمن مشاريع ثلث المرحوم عبدالله عبداللطيف العثمان، الذي يمثل تجسيداً لإعادة هندسة العمل الخيري. فقد اتخذ الثلث رؤية شاملة تجمع بين الاستدامة المالية والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، لتتحول هذه الرؤية إلى واقع ملموس من خلال مشاريع تنموية وثقافية وإنسانية تمتد من الكويت إلى العالمين العربي والإسلامي.
ويُمثل مشروع إعادة تأهيل مسجد العثمان أحد المشاريع المتميزة لثلث العثمان، حيث جسد المشروع فلسفة متكاملة تجمع بين الحفاظ على التراث والمسؤولية البيئية والاستدامة المجتمعية. فقد خضع المسجد لعملية تأهيل وترميم استثنائية حيث طُبقت أعلى المعايير العالمية المُتبعة في أعمال ترميم المباني التاريخية، مع استخدام تقنيات مبتكرة للاستدامة البيئية دون المساس بالطابع المعماري الأصيل للمسجد.
وفي إنجازٍ نوعي متميز، حصل المسجد مؤخراً على الشهادة المبدئية leed العالمية بالمرتبة الذهبية من المجلس الأمريكي للمباني الخضراء، ليكون بذلك أول مسجد في الكويت ينال هذه الشهادة وأول مسجد تراثي في العالم يحصل عليها.
وشملت أعمال المشروع إعادة تصميم أنظمة المياه لتوفير أكبر قدر ممكن من الترشيد، حيث تم إضافة نظام متطور لتنقية ومعالجة المياه المستعملة للوضوء وإعادة استعمالها للغسيل والري، كما اعتمد المشروع على الطاقة الشمسية وأنظمة الإضاءة والتكييف عالية الكفاءة لخفض استهلاك الكهرباء، وفي خطوة تقنية متقدمة، تم تطبيق نظام "المسجد الذكي"، حيث يتم التحكم بنظام التكييف تلقائياً قبل وبعد كل صلاة ويستشعر عدد المصلين لضبط الأداء وفقاً للحاجة الفعلية، بالإضافة إلى نظام مستشعرات الضوء لإضاءة مرافق الخدمات بشكل ذكي يُسهم في ترشيد الاستهلاك، وسيتم التكفل بأعمال الصيانة والنظافة بشكلٍ مستمر من قِبل ثلث المرحوم عبدالله العثمان ليبقى على أفضل حال.
بهذه المناسبة، صرح المهندس عدنان عبدالله العثمان،عضو لجنة أوصياء ثلث المرحوم عبدالله العثمان  قائلاً: "نحمد الله تعالى على حصولنا على هذه الجائزة المتميزة وعلى شهادة leed، ونتقدم بخالص الشكر والتقدير للسيد وزير الشؤون الإسلامية د. محمد ابراهيم الوسمي، وللعاملين في الوزارة، والشكر موصول للجنة أوصياء ثلث المرحوم عبدالله العثمان والهيئة العامة لشؤون القُصَّر،  وللمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ولجامعة الكويت، ومحفظة العثمان العقارية ولدار العثمان، كما ونتوجه بالشكر الجزيل إلى السيدة فتوح الرقم رئيسة لجنة التحكيم لجائزة التميز الخليجي والفريق العامل معها، آملين تعميم نتائج هذه الجائزة لتتحول لآليات قابلة للتطبيق للهيئات والجهات الراغبة بالاستفادة من مخرجات الجائزة، مما يسهم في نشر ثقافة الاستدامة البيئية.
وأضاف المهندس العثمان: "وكان لدعم مؤسسات الدولة المعنية عاملاً أساسياً في تحقيق هذه النتائج المتميزة، ونبارك لدولة الكويت هذا الإنجاز الحضاري الذي يضعها في مقدمة الدول الرائدة التي تقود مبادرات الاستدامة في مجال عمارة المساجد".
واختتم تصريحه قائلاً: "مسجد العثمان اليوم لم يعد مجرد مكان للصلاة، بل أصبح منارة حضارية وبيئية ذكية تُكمل مكانته الروحانية، مُجسداً بذلك لقاءً فريداً بين الإيمان والتكنولوجيا، وبين العبادة والاستدامة، ليقف شاهداً على قدرة الكويت على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وليكون هذا المسجد سفينة المقدمة ونموذجاً للمشاريع التراثية والصديقة للبيئة كما كان سفينة المقدمة للعمل الخيري، وليكون قدوة تُحتذى في المنطقة بأسرها نحو مستقبل أكثر وعياً وازدهاراً".