حينما نتطرق إلى قصص القرآن الكريم نستذكر الحوادث الواقعة وأحوال الأمم الماضية والنبوات السابقة كما أخبرنا بها الله في كتابه العزيز، فقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي وذكر البلاد والديار وتتبع آثار كل قوم وحكى صورة ناطقة لما كان يدور في هذه العصور، والمغزى من ذلك قوة التأثير في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق، فهناك قصص عرضت بالكامل في سورة واحدة وأخرى عرض جزء منها في سورة والآخر في سورة أخرى.
فقد بين الله لنا أصول الدين المشتركة بين جميع الأنبياء. فهذه القصص ليست مفتراة بدليل وجود أمثالها بين الناس، ففيها الحكم والعبر ونستفيد منها الكثير.
وبعد ما ذكرناه، نترككم كي تعايشوا هذا الجو القصصي في حلقات رمضانية متتالية، سيتم نشرها تباعا لكي نستفيد من مغزاها والدروس المستفادة منها، وتكون خير معين لنا في فهم ديننا وإيصاله للناس بالصورة الصحيحة وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى إنه نعم المولى ونعم النصير.
- وضع داود الأحجارَ في القذافةِ ثم أدارَها ورمى بها جالوتَ ففلقَ رأسَه
- طالوتُ زوجَه ابنتَه وأجرى حكمَه في ملكِه وعظمَ داودُ عند بني إسرائيلَ
- وصل طالوت بالجنود فقال لهم: إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني
جليات أو جالوت (بالعبرية: جوليات) هو محارب فلستي معروف لمعركته ضد داود الشاب، ملك إسرائيل المستقبلي، كما تم وصفه في التوراة أو العهد القديم، وبصورة مختصرة أكثر في القرآن الكريم.
مواجهة جليات مع داود
وجمع الفلسطينيون جيوشهم للحرب فاجتمعوا في سوكوه التي ليهوذا ونزلوا بين سوكوه وعزيقة في افس دميم، واجتمع شاول ورجال إسرائيل ونزلوا في وادي البطم واصطفوا للحرب للقاء الفلسطينيين، وكان الفلسطينيون وقوفا على جبل من هنا وإسرائيل وقوفا على جبل من هناك والوادي بينهم، فخرج رجل مبارز من جيوش الفلسطينيين اسمه جليات من جت طوله ستة أذرع وشبر، وعلى رأسه خوذة من نحاس وكان لابسا درعا حرشفيا ووزن الدرع خمسة آلاف شاقل نحاس، وجرموقا نحاس على رجليه ومزراق نحاس بين كتفيه، وقناة رمحه كنول النساجين وسنان رمحه ست مئة شاقل حديد وحامل الترس كان يمشي قدامه، فوقف ونادى صفوف إسرائيل وقال لهم: لماذا تخرجون لتصطفوا للحرب أما أنا الفلسطيني وأنتم عبيد لشاول اختاروا لانفسكم رجلا ولينزل إلي، فان قدر أن يحاربني ويقتلني نصير لكم عبيدا وإن قدرت أنا عليه وقتلته تصيرون أنتم لنا عبيدا وتخدموننا، وقال الفلسطيني: أنا عيرت صفوف إسرائيل هذا اليوم اعطوني رجلا فنتحارب معا، ولما سمع شاول وجميع إسرائيل كلام الفلسطيني هذا ارتاعوا وخافوا جدا، وداود هو ابن ذلك الرجل الافراتي من بيت لحم يهوذا الذي اسمه يسى وله ثمانية بنين وكان الرجل في أيام شاول قد شاخ وكبر بين الناس، وذهب بنو يسى الثلاثة الكبار وتبعوا شاول إلى الحرب وأسماء بنيه الثلاثة الذين ذهبوا إلى الحرب الياب البكر وابيناداب الثاني وشمة ثالثهم، وداود هو الصغير والثلاثة الكبار ذهبوا وراء شاول، وأما داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول ليرعى غنم أبيه في بيت لحم، وكان الفلسطيني يتقدم ويقف صباحا ومساء أربعين يوما، فقال يسى لداود ابنه خذ لاخوتك ايفة من هذا الفريك وهذه العشر خبزات واركض إلى المحلة إلى اخوتك، وهذه العشر القطعات من الجبن قدمها لرئيس الالف وافتقد سلامة اخوتك وخذ منهم عربونا، وكان شاول وهم وجميع رجال إسرائيل في وادي البطم يحاربون الفلسطينيين، فبكر داود صباحا وترك الغنم مع حارس وحمل وذهب كما امره يسى واتى إلى المتراس والجيش خارج إلى الاصطفاف وهتفوا للحرب، واصطف إسرائيل والفلسطينيون صفا مقابل صف، فترك داود الامتعة التي معه بيد حافظ الامتعة وركض إلى الصف واتى وسال عن سلامة اخوته، وفيما هو يكلمهم إذا برجل مبارز اسمه جليات الفلسطيني من جت صاعد من صفوف الفلسطينيين وتكلم بمثل هذا الكلام فسمع داود، وجميع رجال إسرائيل لما راوا الرجل هربوا منه وخافوا جدا، فقال رجال إسرائيل ارايتم هذا الرجل الصاعد ليعير إسرائيل هو صاعد فيكون ان الرجل الذي يقتله يغنيه الملك غنى جزيلا ويعطيه بنته ويجعل بيت ابيه حرا في إسرائيل، فكلم داود الرجال الواقفين معه قائلا ماذا يفعل للرجل الذي يقتل ذلك الفلسطيني ويزيل العار عن إسرائيل لانه من هو هذا الفلسطيني الاغلف حتى يعير صفوف الله الحي، فكلمه الشعب بمثل هذا الكلام قائلين كذا يفعل للرجل الذي يقتله، وسمع اخوه الأكبر الياب كلامه مع الرجال فحمي غضب الياب على داود وقال لماذا نزلت وعلى من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية انا علمت كبرياءك وشر قلبك لانك انما نزلت لكي ترى الحرب، فقال داود ماذا عملت الآن اما هو كلام، وتحول من عنده نحو اخر وتكلم بمثل هذا الكلام فرد له الشعب جوابا كالجواب الأول، وسمع الكلام الذي تكلم به داود واخبروا به امام شاول فاستحضره، فقال داود لشاول لا يسقط قلب أحد بسببه عبدك يذهب ويحارب هذا الفلسطيني، فقال شاول لداود لا تستطيع ان تذهب لهذا الفلسطيني لتحاربه لانك غلام وهو رجل حرب منذ صباه، فقال داود لشاول كان عبدك يرعى لابيه غنما فجاء اسد مع دب واخذ شاة من القطيع، فخرجت وراءه وقتلته وانقذتها من فيه ولما قام علي امسكته من ذقنه وضربته فقتلته، قتل عبدك الاسد والدب جميعا وهذا الفلسطيني الاغلف يكون كواحد منهما لانه قد عير صفوف الله الحي، وقال داود الرب الذي انقذني من يد الاسد ومن يد الدب هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني فقال شاول لداود اذهب وليكن الرب معك، والبس شاول داود ثيابه وجعل خوذة من نحاس على راسه والبسه درعا، فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه وعزم ان يمشي لانه لم يكن قد جرب فقال داود لشاول لا اقدر ان امشي بهذه لاني لم اجربها ونزعها داود عنه، واخذ عصاه بيده وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي وجعلها في كنف الرعاة الذي له اي في الجراب ومقلاعه بيده وتقدم نحو الفلسطيني، وذهب الفلسطيني ذاهبا واقترب إلى داود والرجل حامل الترس امامه، ولما نظر الفلسطيني وراى داود استحقره لانه كان غلاما وأشقر جميل المنظر، فقال الفلسطيني لداود العلي انا كلب حتى انك تاتي الي بعصي ولعن الفلسطيني داود بالهته، وقال الفلسطيني لداود تعال الي فاعطي لحمك لطيور السماء ووحوش البرية، فقال داود للفلسطيني أنت تاتي الي بسيف وبرمح وبترس وانا اتي اليك باسم رب الجنود اله صفوف إسرائيل الذين عيرتهم، هذا اليوم يحبسك الرب في يدي فاقتلك واقطع راسك واعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء وحيوانات الأرض فتعلم كل الأرض انه يوجد اله لإسرائيل، وتعلم هذه الجماعة كلها انه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب لان الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا، وكان لما قام الفلسطيني وذهب وتقدم للقاء داود ان داود اسرع وركض نحو الصف للقاء الفلسطيني، ومد داود يده إلى الكنف واخذ منه حجرا ورماه بالمقلاع وضرب الفلسطيني في جبهته فارتز الحجر في جبهته وسقط على وجهه إلى الأرض، فتمكن داود من الفلسطيني بالمقلاع والحجر وضرب الفلسطيني وقتله ولم يكن سيف بيد داود، فركض داود ووقف على الفلسطيني واخذ سيفه واخترطه من غمده وقتله وقطع به راسه فلما راى الفلسطينيون ان جبارهم قد مات هربوا، فقام رجال إسرائيل ويهوذا وهتفوا ولحقوا الفلسطينيين حتى مجيئك إلى الوادي وحتى أبواب عقرون فسقطت قتلى الفلسطينيين في طريق شعرايم إلى جت وإلى عقرون، ثم رجع بنو إسرائيل من الاحتماء وراء الفلسطينيين ونهبوا محلتهم، واخذ داود راس الفلسطيني واتى به إلى القدس ووضع ادواته في خيمته، ولما راى شاول داود خارجا للقاء الفلسطيني قال لابنير رئيس الجيش ابن من هذا الغلام يا ابنير؟ فقال ابنير: وحياتك أيها الملك لست أعلم، فقال الملك: اسال ابن من هذا الغلام، ولما رجع داود من قتل الفلسطيني أخذه ابنير وأحضره أمام شاول وراس الفلسطيني بيده، فقال له شاول ابن من أنت يا غلام؟ فقال داود: ابن عبدك يسى البيتلحمي.
جالوت في الإسلام
وردت القصة في القرآن الكريم في سورة البقرة،في ثلاث (3) مواضع وايات , هم : الاية (249) / فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ . الاية ( 250) / وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . الاية (251) / فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَ&<648;كِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . ايات متتاليات .
وجاء في تفسيرهم من نفسير القرطبي و ابن كثير في كتابه البداية و النهاية عن ( جالوت ) : أن داود كانَ أصغرَ أولادِ أبيه وكانوا ثلاثةَ عشرَ ذكرًا كان سمعَ طالوتَ ملكَ بني إسرائيلَ وهو يحرضُ بني إسرائيلَ على قتلِ جالوتَ وجنودِه وهو يقولُ من قتلَ جالوتَ زوجتُه بابنتي وأشركتُه في ملكِي وكان داودُ عليه السلام يرمي بالقذافةِ وهو المقلاعُ رميًا عظيمًا فبينا هو سائرٌ مع بني إسرائيلَ إذ ناداه حجرٌ أن خذني فإن بي تقتلُ جالوتَ فأخذَه ثم حجرٌ آخرٌ كذلك ثم آخرٌ كذلك فأخذَ الثلاثةَ في مخلاتِه فلما تواجَه الصفانِ برزَ جالوتُ ودعا إلى نفسِه فتقدمَ إليه داودُ فقال له ارجعْ فإني أكرهُ قتلَك فقالَ لكني أحبُّ قتلَك وأخذَ تلك الأحجارَ الثلاثةَ فوضعَها في القذافةِ ثم أدارَها فصارتْ الثلاثةُ حجرًا واحدًا ثم رمى بها جالوتَ ففلقَ رأسَه وفرَّ جيشُه منهزمًا فوفى له طالوتُ بما وعدَه فزوجَه ابنتَه وأجرى حكمَه في ملكِه وعظمَ داودُ عليه السلام عند بني إسرائيلَ وأحبوه ومالوا إليه أكثرَ من طالوتَ فذكروا أن طالوتَ حسدَه وأرادَ قتلَه واحتالَ على ذلك فلم يصلْ إليه وجعلَ العلماءُ ينهون طالوتَ عن قتلِ داودَ فتسلطَ عليهم فقتلَهم حتى لم يبقِ منهم إلا القليلَ ثم حصلَ له توبةٌ وندمٌ وإقلاعٌ عما سلفَ منه وجعلَ يكثرُ من البكاءِ ويخرجُ إلى الجبانةِ فيبكي حتى يبلَ الثرى بدموعِه فنوديَ ذاتَ يومٍ من الجبانةِ أن يا طالوتُ قتلتَنا ونحن أحياءٌ وآذيتَنا ونحن أمواتٌ فازدادَ لذلك بكاؤُه وخوفُه واشتدَّ وجلُه ثم جعلَ يسألُ عن عالمٍ يسألُه عن أمرِه وهل له من توبةٍ فقيل له وهل أبقيت عالمًا حتى دلَّ على امرأةٍ من العابداتِ فأخذتْه فذهبتْ به إلى قبرِ يوشعَ عليه السلام قالوا فدعتِ اللهَ فقامَ يوشعُ من قبرِه فقالَ أقامتِ القيامةُ فقالتْ لا ولكن هذا طالوتُ يسألُك هل له من توبةٍ فقالَ نعم ينخلعُ من الملكِ ويذهبُ فيقاتلُ في سبيلِ اللهِ حتى يقتلَ ثم عادَ ميتًا فتركَ الملكَ لداودَ عليه السلام وذهبَ ومعه ثلاثةَ عشرَ من أولادِه فقاتلوا في سبيلِ اللهِ حتى قتلوا قالوا فذلك قوله { وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء}. الراوي: - المحدث:ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 2/8
في تفسير الايات لابن كثير : (فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ) صدق الله العظيم .
يقول تعالى مخبرا عن طالوت ملك بني إسرائيل حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملإ بني إسرائيل وكان جيشه يومئذ فيما ذكره السدي ثمانين ألفا فالله أعلم أنه قال “ إن الله مبتليكم” أي مختبركم بنهر قال ابن عباس وغيره : وهو نهر بين الأردن وفلسطين يعني نهر الشريعة المشهور” فمن شرب منه فليس مني “ أي فلا يصحبني اليوم في هذا الوجه “ ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده “ أي فلا بأس عليه قال الله تعالى “ فشربوا منه إلا قليلا منهم “ قال ابن جريج قال ابن عباس : من اغترف منه بيده روي ومن شرب منه لم يرو وكذا رواه السدي عن أبي مالك عن ابن عباس . وكذا قال قتادة وابن شوذب قال السدي : كان الجيش ثمانين ألفا فشرب منه ستة وسبعون ألفا وتبقى معه أربعة آلاف كذا قال . وقد روى ابن جرير من طريق إسرائيل وسفيان الثوري ومسعر بن كدام عن أبي إسحاق السبيعي عن البراء بن عازب قال : كنا نتحدث أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر وما جازه معه إلا مؤمن ورواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن جده عن البراء بنحوه ولهذا قال تعالى “ فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده “ أي استقلوا أنفسهم عن لقاء عدوهم لكثرتهم فشجعهم علماؤهم العالمون بأن وعد الله حق فإن النصر من عند الله ليس عن كثرة عدد ولا عدة ولهذا قالوا “ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين “ . وجاء فيها أن داود هو الذي قتل جالوت. وكان طالوت ـ ملك بني إسرائيل ـ قد وعده إن قتل جالوت أن يزوجه ابنته، ويشاطره نعمته ويشركه في أمره، فوفى له، ثم آل المُلك إلى داود مع ما منحه الله من النبوة العظيمة، ولهذا جاء في القرآن الكريم: وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (سورة البقرة، الآيتين 250-251) أي الملك الذي كان بيد طالوت والحكمة أي النبوة.