خلال شهر رمضان المبارك، يمارس ربع سكان العالم من المسلمين، البالغ عددهم 1.9 مليار، الصيامَ اليومي من الفجر حتى غروب الشمس، وقد ثبت بالأدلة العلمية أن للصيام آثار إيجابية على صحة الصائم، جسدياً، فضلًا عن تعزيز صحته النفسية وعافيته وتحسين مزاجه ومساعدته في تخفيف التوتر والقلق والاكتئاب.
والصيام في شهر رمضان المبارك يتطلب تغييرا في مواعيد تناول الطعام، مما قد يؤثر على توازن العناصر الغذائية في الجسم.
ويمكن للصائم تلبية احتياجاته الغذائية خلال الفترة الممتدة بين الإفطار والسحور من خلال تناول وجبات متوازنة غنية بالعناصر الأساسية، ومع ذلك، هناك عادات غذائية غير صحية قد تؤدي إلى نقص بعض الفيتامينات والمعادن، أو تفاقم لأعراض صحية كزيادة الوزن والصداع وضغط الدم والكولسترول وغيرها ، مما يستدعي الانتباه إلى التغذية السليمة.
 

محطة للتزود الإيماني الروحاني الخالص ونقطة تحول وانتقال جديدة بحياتنا مع كتاب الله والقيام بطاعاته
فرصة ربانية شاملة لكل جوانب الحياة وتفاصيلها لتحقق التوازن بين الجسد والنفس وتتخلص من كل ما لوثها من سموم وإحباطات وطاقات سلبية
حكم الصيام أسمى من أن يكون مجرد إمساك عن شهوات البطن والفرج أو تكليفا يفوق قدرة تحملنا النفسية أو الجسدية
مناسبة جيدة للتخلص من بعض العادات السلوكية السيئة مثل الكذب او النفاق او الرياء 

 
صوم رمضان من أبرز الممارسات التي تؤثر بشكل إيجابي على الصحة النفسية والجسدية إلى جانب فوائده العديدة للجسم، باعتباره يلعب دورًا كبيرًا في تحسين الحالة النفسية، حيث يساعد على تقليل مستويات التوتر والقلق، ويعزز الشعور بالهدوء الداخلي.
كما أن الانضباط الذاتي الذي يتحقق من خلال الامتناع عن الطعام والشراب يساهم في تعزيز الشعور بالإنجاز ويزيد من الثقة بالنفس من خلال تنظيم الروتين اليومي والتركيز على الأنشطة الدينية والاجتماعية، ويمكن أن يكون الصيام فرصة فريدة لتحسين الصحة النفسية وزيادة الراحة النفسية.
فوائد الصيام النفسية
يعزز الصيام في رمضان الحالة النفسية ويخفف أعراض الاكتئاب بفضل الفوائد المتعددة التي يقدمها للجسم، إلى جانب أهمية الأنشطة الدينية في علاج الاضطرابات النفسية من أبرز الفوائد النفسية للصيام:
تحسين جودة النوم: ينظم الصيام الساعة البيولوجية للجسم، مما يحسن النوم ويقلل من التعب، ويزيد النشاط والحيوية.
تنمية الشعور بالامتنان: يساعد الصيام على تعزيز الامتنان للقدرة على تناول الطعام والشراب بعد ساعات.
تحسين المزاج: حيث يساهم في الشعور بالإنجاز والسيطرة على النفس الناتج عن الصيام في تعزيز الصورة الذاتية والثقة بالنفس.
تعزيز ضبط النفس: يساعد الصيام في تعلم التحكم في النفس، وهي مهارة أساسية لمواجهة الضغوط والمشاعر السلبية.
الشعور بالراحة النفسية: يقلل الصيام من التوتر والقلق، ويعزز الشعور بالهدوء والسكينة، كما أن التواصل مع المجتمع الديني يعزز الراحة النفسية.
نقطة تحول
كلنا يقين بأن رمضان هو محطة للتزود الإيماني الروحاني الخالص ونقطة تحول وانتقال جديدة بحياتنا مع كتاب الله والقيام بطاعاته، إن نحن أحسنا النية وشمرنا عن سواعدنا ووضعنا الهدف نصب أعيننا واشتغلنا للوصول إليه. وإيمانا أن هذه الفرصة الربانية ليست حكرا على أداء العبادات فقط، بل هي شاملة لكل جوانب الحياة وتفاصيلها لتحقق بذلك التوازن بين الجسد والنفس وتتخلص من كل ما لوثها من سموم وإحباطات وطاقات سلبية. 
هي معركة حقا بين ما يتطلبه الجسد أو بالأحرى ما عودناه عليه وما تحتاجه النفس لتناضل بدورها مع شقيها الإيجابي والسلبي، لتنتهي المعركة بكبح جماح شهوات الجسد ورغباته الأرضية والسمو بالنفس وتغذيتها بكل القيم والمثل العليا السماوية. فكيف السبيل لذلك؟
دعونا إذن ننطلق مع أفكار وتطبيقات عملية تحقق جوهر الأمر وتلبي حرصنا على الاستفادة من هذه الفرصة الرمضانية المتميزة.
 لنؤكد بداية على أمر في غاية الأهمية وشخصيا أعتبره أساس وركيزة صحتنا النفسية، والذي يكمن في ضرورة تصحيح وضحد الفكرة النمطية السلبية السائدة عن شهر رمضان. 
حكم الصيام أسمى من أن يكون مجرد إمساك عن شهوات البطن والفرج أو تكليفا يفوق قدرة تحملنا النفسية أو الجسدية. فبمجرد الاستسلام للأفكار اللاعقلانية السائدة بمجتمعاتنا من ربط فعل صيام بتقلص معدل صحتنا النفسية، يسهل معها التعرض لكل ما يكدر صفو النفس ويؤثر على اتصالها وتزودها بالطاقة الربانية الخالصة.
نوع بعباداتك حتى لا تسقط بالملل أو تضعف وتفقد الرغبة والدافع القوي تجاهها. وكن مرنا وتجنب المبالغة في البداية والحماس الزائد أو رفع سقف التوقعات حتى لا تنصدم بعدم قدرتك على الاستمرارية
تعزيز الصحة النفسية 
تعزيز الصحة النفسية برمضان وبغيره أيضا ، يتوقف أيضا على درجة الوعي والإدراك بالتكامل والترابط بين الجوانب والمستويات الخمس (الروحية والنفسية والعقلية والجسمية والسلوكية) وأن نموها وغذاءها رهين بمدى عمق وقوة ارتباطها واتساقها. جدد نيتك دوما لتحصل على دافع قوي لانطلاقة أقوى تجاه رحلة عقد الاتصال مع الخالق سبحانه وتعالى وللقيام بالعبادات والطاعات، فهي المؤشر والمحفز لسلامة الطريق والرؤية الواضحة. هذا التجديد سيمنحك ترياقا تجاه الطاقات السلبية فيعزز لديك قوة الإرادة ويحمي طاقتك الروحية.
تحديد الأهداف هي من بين أهم خطوات تعزيز الصحة النفسية، من أجل تجنب استنزاف الجهد والوقت ولرفع الكفاءة الذاتية وإيقاظ الدوافع الكامنة وتجميع الطاقة وتوجيهها في منحى محدد لتكون أقوى وتحقق بشكل أفضل. ومن أهم شروط نجاح الهدف أن يتم تحديده وفق معرفة الفرد بنفسه، بمعنى أنه يتعين علينا بداية خوض رحلة استكشاف وتعرف على ذواتنا (على إيجابياتنا وسلبياتنا ونقاط تميزنا وقدرتنا ومهاراتنا ونجاحاتنا وإخفاقاتنا) لتتضح الرؤية ونتمكن من التغيير والخروج من منطقة الأمان التي تقيدنا. 
خذ ورقة وقلما ودون كل ما ترغب بتحقيقه بالأيام المتبقية من الشهر الفضيل سواء على المستوى الروحي أو النفسي الشخصي أو الأسري أو الاجتماعي أو الصحي والجسمي أو العقلي والمعرفي أو العملي والمهني.. مع الأخذ بعين الاعتبار باقي الشروط من واقعية وإيجابية مطلقة وتحديد المدة الزمنية وتجنب المبالغة والحماس الزائد أو رفع سقف التوقعات لكي لا ننكسر أمام فشل أو إحباط لعدم قدرتنا على تحقيق هدف ما.
حدد أولوياتك
من الضروري جدا أن نحدد أولوياتنا ونرتبها عبر جرد كل المهام اليومية التي نزاولها بالأيام العادية (الروتينية) ونرتبها من الأهم إلى المهم بشكل مرن وسلس يتناسب وقدراتنا واستعداداتنا وارتباطاتنا وظروفنا أيضا. تنظيم الوقت وإدارته تحقق انخفاضا في معدل الضغوط النفسية بالبيت والعمل وجل المسؤوليات اليومية، كما تحسن نوعية الحياة وترفع معدل الثقة بالنفس وتحقيق الذات من خلال المشاعر الايجابية التي تترتب عن إنجاز الأهداف والالتزام بها.
جدول يومي
ضع جدولا يوميا يضم الأيام المتبقية من شهر رمضان الكريم، وحدد فيه بكل وعي كافة مهامك وأنشطتك وعاداتك اليومية الرمضانية والعملية (سواء كنت تقوم بها أو تخطط لإضافتها لروتينك اليومي)، ورتبها حسب الأولويات والأهمية، واكتشف اصرارك ومدى التزامك بها وكن مرنا في التطبيق والفاعلية. 
يمكنك أيضا إعداد ورقة مهام يومية تقوم بملئها كل ليلة لتدير وقتك للغد بشكل مريح وتنظم بها مشاغلك ومسؤولياتك بشكل متوازن وفق ظروفك وإمكانياتك وتوفر عبرها طاقتك وتتجنب الوقوع بمواقف تفقد فيها التحكم بذاتك وبواجباتك.
تنويع العبادات
نوع بعباداتك حتى لا تسقط بالملل أو تضعف وتفقد الرغبة والدافع القوي تجاهها. وكن مرنا وتجنب المبالغة في البداية والحماس الزائد أو رفع سقف التوقعات حتى لا تنصدم بعدم قدرتك على الاستمرارية. 
جميل جدا أن نستغل وقتنا برمضان باكتساب عادات جديدة سواء كانت صحية أو معرفية أو نفسية، وأن ندرب أنفسنا على اضافتها لقاموسنا اليومي من أكل صحي أو تحكم بانفعالات أو مطالعة وبحث أو استرخاء ورياضة أو كتابة ورسم أو الالتزام بصلاة الفجر أو التعود على الابتسامة أو القيام بأعمال اجتماعية وخيرية، وغيرها من العادات التي لا يشترط فيها سوى أن تتناسب وشخصيتنا وقدراتنا وأن تعود علينا بالمزيد من السعادة والمتعة والطاقة الإيجابية.
فرصة لا تعوض 
تدبر وتأمل ما حولك من جميل خلق الله تعالى وآياته في الأرض وبكتابه العزيز، ليرتفع وعيك وإيمانك وامتنانك للخالق تعالى. اجعل كتاب الله رسائل مباشرة لك لتتزود بها من المنبع الأصلي وتستعين بها بدهاليز دروبها. وغذي عقلك بما ينفعه ويرفعه. 
رمضان فرصة لا تعوض للتحكم بانفعالاتك السلبية والسيطرة على ذاتك وتوجيهها نحو بر الأمان، عكس ما يروج له فما هي إلا أفكار تتناقض وروح ركن الصيام. تعرف على أسباب انفعالاتك السلبية الحقيقية وغير أفكارك اللاعقلانية، فهي مصدر حالاتك الوجدانية الغير المتوازنة، لتحصل على مشاعر إيجابية فتتصرف باتزان وتحكم ذات.
عزز شعورك بالسعادة مع الآخرين عبر رضاك عن نفسك أولا (والذي يتحقق بمعرفة الذات) ومراجعة علاقتك بهم ومشاركتهم أنشطتهم ومتعتهم. أحط نفسك بالمتفائلين المحتسبين أمورهم لله تعالى الحامدين الشاكرين لنعم الله عليهم مهما قلت أو كثرت. 
اشحن نفسك وإياهم بكل جميل لتزداد قوة وحيوية ورغبة في الخير والإحسان. 
، اجعل هدفك الاستمرارية والاستدامة في الأعمال، فرمضان هو الزاد والمحرك السنوي. 
العبادة تبعث الطمأنينة والراحة النفسية
الطب النفسي ينظر الي الصوم وقدوم شهر رمضان علي انه فرصة جيدة وموسم هام يساعد في مواجهة الكثير من المشكلات النفسية التي يعاني منها الفرد طول العام ، والمثال علي ذلك ان  المدخنين الذين اعتادوا علي التدخين يمكنهم الاقلاع بسهولة عنه خلال هذا الشهر الفضيل ، كما ان الاشخاص الذين يتصفون بالعصبية وسرعة الانفعال يمكنهم التحكم في انفعالاتهم والتعامل مع الآخرين بهدوء ، ومعالجة مشكلات حياتهم بحكمة وتروى ، كما ان الفرد يمكنه اكتساب عادات ايجابية مثل المداومة على الصيام يومين في الاسبوع ( الاثنين والخميس ) والمحافظة على الصلاة في اوقاتها بالمسجد ، والتخلص من بعض العادات السلوكية مثل الكذب او النفاق او الرياء وهذه العادات السلوكية اذا حافظ الفرد عليها بعد رمضان فإنه سوف يكتسب صحة نفسية دائمة .
 
 

نصائح للحفاظ على الراحة النفسية في رمضان

اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن في الإفطار والسحور.
ممارسة الرياضة بانتظام.
الحصول على قسط كافٍ من النوم.
التواصل مع العائلة والأصدقاء.
المشاركة في الأنشطة الدينية والاجتماعية.
تخصيص وقت للتأمل والتفكير.
 
 

10 همسات للشباب في رمضان

الأولى
احمد الله سبحانه وتعالى أن بلغك رمضان.. فكثير ممن كانوا معنا في رمضان الماضي قد غيبهم الموت.. فاحمد الله واشكره أن منّ عليك لتكون ممن يتقرب إليه بفعل الطاعات.. وجمع الحسنات.. في هذا الشهر المبارك..
الثانية
ليكن رمضان فرصة لك.. ودورة تدريبية في الابتعاد عن المعاصي وعن ما يغضب الله جل وعلا.. وأعلنها صراحة.. واصرخ بها في وجه الشيطان.. وداعاً للمعاصي والسيئات.. وداعاً لكل ما يُبعِد عن الله جل وعلا. وأبشر بتوفيق الله لك.. وتسديده إياك.. عسى ربي أن يهديني وإياك سواء السبيل..
الثالثة
رمضان شهر القرآن.. فأوصيك بتدبر معانيه.. وفهم آياته.. واحرص على قراءته والتلذذ بتلاوته.. وليكن لك ورد يومي تقرأه بتمعن وتدبر.. وأوصيك بكتاب (زبدة التفاسير) فإنه خير معين لك بعد الله على ذلك.
الرابعة
إياك أن تكون ممن جعل نهار رمضان نوماً وغفلة.. وليله سهراً على معصية الله سبحانه وتعالى.. واحرص على أن تملأ نهارك بالذكر وتلاوة القرآن.. وليلك بالصلاة والقيام..
الخامسة
أوصيك بكثرة الإنفاق في رمضان، وخصوصاً إذا كنت ممن منّ الله عليه بكثرة المال.. فلا تنسَ إخوتك الذين يعانون الفقر والجوع.. فليس لهم بعد الله إلا المتصدقين أمثالك.. فلا تبخل عليهم.. وأدعو الله أن يبارك في مالك ورزقك..
السادسة
إياك أن تكون ممن يفطر على سخط الله وغضبه.. وذلك بشرب الدخان أو متابعة ما يعرض في القنوات من برامج ساقطة تستهزئ بالله وبرسوله.. ولا يخفى على أمثالك جرم ذلك.. قال الله تعالى: &o4831; وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ &o4830; [الأنعام: 68].
السابعة
أوصيك بالإكثار من الدعاء.. واحرص على ذلك وأنت صائم.. فقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم أن للصائم دعوة لا ترد.. فلا تنس نفسك.. ولا تنس إخوانك المسلمين في المشارق والمغارب.. وما يدريك ؟! لعل دعوة صادقة تخرج من قلبك المنكسِر ينصر الله بها الدين وأهله.. فلا تتردد..
الثامنة
ليكن من أهدافك في رمضان زيارة بيت الله الحرام.. وأداء العمرة.. وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فعمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم.. فلا تفرط في هذه المكرمة العظيمة.. وبادر على ذلك.. وأتمنى لك التوفيق..
التاسعة
أذكرك بأن لله سبحانه وتعالى في كل ليلة عتقاء من النار لمن أتم الصيام.. وأدى القيام.. وأكثر من الحسنات.. وتزود من الطاعات.. فلا تغفل عن ذلك.. واحرص على أن تكون ممن منحه الله هذه الجائزة العظيمة.. جعلني الله وإياك من عتقائه من النار..
العاشرة
أوصيك بكثرة حضور مجالس الذكر.. فإنها مراتع المؤمنين.. ومحط الصالحين.. يكفيك أن الله جل وعلا يذكرك ويثني عليك في الملأ الأعلى.. ثم تقوم وقد غُفِرت ذنوبك بإذن الله.. فأكثر من الحضور.. وداوم على ذلك