تُعتبر الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة في العمق السوري والتي استهدفت عناصر من حركة حماس خلال الساعات الماضية، خطوة دقيقة على الصعيد العسكري ، وتثير العديد من التساؤلات والتحليلات في سياق السياسة الإسرائيلية والأمن الإقليمي. ومن الملفت للنظر أن حماس لم تعد تُعتبر من العناصر الرئيسية المتواجدة في سوريا منذ سنوات، بعد أن انتقلت قيادات الحركة إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط، مثل لبنان وتركيا، إثر الخلافات السياسية مع النظام السوري. لكن رغم ذلك، يشير توقيت الضربة الإسرائيلية ودقتها إلى رسائل متعددة على الصعيدين العسكري والسياسي.
وعن التحليل العسكري للضربات الإسرائيلية قال مصدر رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن إنه وعلى الصعيد العسكري، تشكل هذه الضربات تطورًا مهمًا في سياسة إسرائيل تجاه حماس في سوريا، وهو ما قد يعكس استعدادًا لمواجهة جديدة مع الحركة، حتى وإن كانت الأخيرة قد خفّضت حضورها العسكري في سوريا. وبالنظر إلى دقة الإصابات التي تم تنفيذها، فمن الواضح أن إسرائيل تمتلك قدرات استخباراتية عالية، تُمكّنها من تحديد الأهداف بشكل دقيق وتوجيه الضربات بشكل فعال. تعتبر هذه الضربات بمثابة رسالة ردع قوية، تؤكد أن إسرائيل لن تتهاون في استهداف أي تهديدات قد تنشأ على حدودها، حتى وإن كان هذا التهديد يُدار من خارج اسرائيل.
وعن الاعتبارات السياسية والدبلوماسية تقول الورقة :
على الصعيد السياسي، يمكن أن تكون هذه الضربة خطوة في إطار استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى تقويض وجود حماس في المنطقة بشكل كامل. ففي الوقت الذي تركز فيه إسرائيل على محاربة الجماعات المسلحة في غزة، فإن تواجد حماس في سوريا كان يشكل نقطة ارتكاز لانطلاق العديد من الأنشطة والعمليات العسكرية ضد إسرائيل. ومن هنا، فإن ضرب الأهداف في سوريا يعد بمثابة تقليص للمساحة العملياتية لحماس في تلك المنطقة، وإظهار أن إسرائيل مستعدة للقيام بما يلزم لمنع أي تنسيق مستقبلي بين حماس والدول الحاضنة لها، مثل سوريا.
هذا التطور قد يحمل أيضًا رسائل متعددة إلى النظام السوري، الذي كان قد أشار في السنوات الماضية إلى تقارب في العلاقات مع حماس، في وقت كانت الحركة تسعى فيه إلى إعادة بناء علاقاتها مع العديد من الأطراف الإقليمية. من خلال هذه الضربات، تشير إسرائيل إلى أنها لن تسمح لأي طرف كان بأن يصبح منصة لإطلاق عمليات ضدها من أراضٍ تعتبرها تحت تهديد مباشر.
وعن الردود الإقليمية والتداعيات المحتملة تقول الورقة أيضا :
من المتوقع أن تثير هذه الضربات ردود فعل متباينة من الدول الإقليمية. من جهة، قد يُنظر إلى هذه العمليات على أنها مؤشر على تعميق عزلة سوريا عن العالم العربي، خاصة في ظل محاولات بعض الدول العربية إعادة تطبيع علاقاتها مع دمشق. ومن جهة أخرى، قد تثير هذه الضربات استنكارًا في بعض الأوساط الدولية التي قد تعتبرها تصعيدًا غير مبرر في ظل الأوضاع الراهنة في سوريا.
على المستوى الداخلي، قد تحظى إسرائيل بتأييد واسع في الأوساط السياسية والعسكرية التي ترى في هذه الضربة خطوة ضرورية للحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي. لكن في المقابل، قد تثير تلك الضربات مخاوف من ردود فعل عسكرية من حلفاء حماس، مثل حزب الله اللبناني، ما قد يؤدي إلى تصعيد إضافي في الجبهة الشمالية لإسرائيل.
وفي الختام تقول الورقة : تعتبر الضربات الإسرائيلية في سوريا ضد عناصر من حماس خطوة استراتيجية تركز على استهداف التهديدات المحتملة، وتكمن أهميتها في رسائلها المتعددة على الصعيدين العسكري والسياسي. إن دقة الضربات تشير إلى قوة الاستخبارات الإسرائيلية، كما أن توقيتها يعكس رغبة إسرائيل في منع أي إعادة نشاط لحماس في سوريا. ومع ذلك، تظل هذه الضربات تثير تساؤلات حول التداعيات الإقليمية المحتملة، والمخاطر التي قد تترتب على التصعيد في المنطقة.