بات واضحا أن المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس تشهد حالة من الجمود الكامل، في ظل غياب مؤشرات حقيقية على إحراز أي تقدم في المسار التفاوضي ، وهو ما عكسته كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالأمس ، والتي قال فيها إن الحرب ستتواصل ولم تتوقف إسرائيل عنها مهما كان الثمن.
ورغم تعدد الجولات الوسيطة التي رعتها أطراف إقليمية ودولية – وعلى رأسها مصر وقطر والولايات المتحدة – فإن جميع المسارات تبدو الآن مجمدة، وسط تزايد التصلب في مواقف الطرفين وغياب الثقة المتبادلة.
وتقول ورقة تقدير موقف وضعها مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية في لندن إلى أن الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو تتبنى خطابًا أكثر تشددًا، مدفوعة بالضغوط السياسية الداخلية، وخصوصًا من جناح اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم. وتُصر إسرائيل على استعادة كافة الأسرى الأحياء (الجنود والمدنيين) قبل الدخول في أي ترتيبات دائمة لوقف إطلاق النار أو إعادة إعمار قطاع غزة، وهو شرط ترفضه حماس باعتباره "غير واقعي" دون تبادل شامل وفق صيغة "الكل مقابل الكل".
أما حركة حماس، فتُظهر تمسكًا برفع الحصار كليًا، وضمانات بعدم تكرار العدوان، والإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين – وهو ما تراه إنجازًا سياسيًا وعسكريًا بعد معركة 7 أكتوبر. إلا أن هذه المطالب تصطدم برفض إسرائيلي متواصل، وتُعدها تل أبيب "مكافأة للإرهاب".
يأتي هذا الجمود في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني في قطاع غزة، وسط تقارير أممية تُشير إلى كارثة إنسانية وشيكة إذا استمر الحصار والعمليات العسكرية. كما تُعاني الوساطة الإقليمية من فقدان الزخم، نتيجة شعور الوسطاء بالإحباط من تعنت الأطراف، وتوظيف العملية التفاوضية لكسب الوقت أو تحسين الشروط لا أكثر.
إقليميًا، تسود أجواء من الحذر والترقب، حيث بات يُنظر إلى الملف الفلسطيني الإسرائيلي باعتباره ساحة مستعصية على الاختراق السياسي، في ظل أولويات إقليمية ودولية أخرى أكثر إلحاحًا. كما أن تصاعد التوترات في الجنوب اللبناني والضفة الغربية يزيد من تعقيد الصورة، ويُضعف من فرص أي تهدئة شاملة.
وتُشير المعطيات إلى أن المسار التفاوضي بين إسرائيل وحماس قد دخل في نفق مغلق، دون أفق قريب لأي اختراق حقيقي. ومن المرجح استمرار حالة الجمود ما لم تحدث متغيرات كبيرة في الميدان أو على مستوى الإرادة السياسية للطرفين. ويوصى بمواصلة الرصد الحثيث للحراك الإقليمي والدولي، واستغلال أية نافذة ممكنة للضغط باتجاه حل إنساني مرحلي كخطوة لبناء الثقة تمهيدًا لأي مفاوضات سياسية مستقبلاً.