في ولاية نوشهير وسط تركيا، تخطو مجموعة من النساء الكفيفات خطواتهن الأولى في درب النور، من خلال تعلّم قراءة القرآن الكريم باستخدام أناملهن لقراءته وفق طريقة «برايل» العالمية.
فمنذ نحو عامين، افتتحت رئاسة الشؤون الدينية في الولاية، دورة تعليمية داخل مبنى الإفتاء، بمشاركة 5 نساء من ذوات الإعاقة البصرية، بهدف تعلّم قراءة القرآن الكريم.
واعتمدت المتدربات، خلال المرحلة التحضيرية، على أوراق بارزة خاصة، قبل أن ينتقلن إلى قراءة القرآن الكريم بنسخ مطبوعة بطريقة برايل.
ورغم التحديات المتعددة، تواصل النساء الخمس تلقّي العلوم الدينية بعزيمة، في حين يتبع المدرّسون أساليب تعليمية فردية تتناسب مع احتياجات كل طالبة.
وقالت المعلمة سميرة قره دنيز، المُشرفة على الدورة لـ “الأناضول”: إن الطالبات يداومن على الحضور يومين أسبوعياً، بكل التزام وجدّ.
وأوضحت قره دنيز أن تعلم الحروف الأبجدية بطريقة برايل للمكفوفين يستغرق عادة نحو عام.
وتابعت: حتى لمن يملك نعمة البصر، فإن تعلّم قراءة القرآن الكريم ليس سهلاً دائماً. فكيف الحال بالنسبة لمن لا يرى شيئاً ويقرأ بأطراف أصابعه؟.
وأردفت قره دنيز: الطالبات يواجهن صعوبات مضاعفة، لا سيما أن أعمارهن كبيرة نسبياً، وغالباً لا يملكن خلفية عن القراءة والكتابة. ومع ذلك، فإن من تملك العزيمة تحقق النجاح وتنجح في التعلّم.
وأشارت إلى أن الدورة لا تقتصر على الجانب الديني، بل تُعد أيضاً متنفساً اجتماعياً للمشاركات، في ظل صعوبة خروج ذوات الإعاقة البصرية من منازلهن والانخراط في الفعاليات المجتمعية.
وفي إشارة إلى إصرار المشاركات وعزيمتهن، قالت قره دنيز: في بعض الأحيان، عندما تفقد إحدى الطالبات الإحساس بأطراف أصابعها، أقترح عليها أن نأخذ استراحة، لكنها ترفض وتُصرّ على المتابعة.
من جانبها، عبّرت عائشة تورك، وهي إحدى المشاركات في الدورة وتبلغ من العمر 42 عاماً، عن شعورها بالسعادة رغم الصعوبات التي واجهتها في البداية.
وقالت: لن أستسلم، وسأواصل بذل الجهد من أجل التعلّم. كل شخص يجب أن يمر بتجربة تعلم القراءة.
وأضافت: بدلاً من إضاعة الوقت في المنزل، أشعر هنا براحة نفسية كبيرة. لولا دعم معلمتنا، لما استطعنا التعلم والشعور بهذه السعادة.
أما الطالبة نازلي زورلو، البالغة من العمر 26 عاماً، فقالت إنها واجهت صعوبة في البداية عند لمس الحروف، لكنها واصلت دراستها بلا انقطاع ونجحت في التعلّم.
وأضافت: أشعر بسعادة لا توصف حين أقرأ القرآن الكريم، أشعر وكأن العالم كله بين يديّ.