- 13 مؤسساً يظفرون بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام  
- دور إنساني وتنموي رائد لتعزيز رفعة الكويت محلياً ودولياً  
- منظومة منح إلكترونية متطورة تسهل التعامل مع الشركاء الميدانيين
- تخطط الهيئة لتوسيع برامج «تمكين» و«نعمتي» مع التركيز على الذكاء الاصطناعي في إدارة المساعدات
 

 
في مسيرة العمل الإنساني الكويتي الرائد، تبرز الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية كنموذج مؤسسي يجسد الريادة في خدمة الإنسانية، حيث انطلقت من فكرة نبيلة عام 1983 لترسخ حضور الكويت الإنساني عالمياً تحت شعار «الكويت بجانبكم».
يشكّل العمل الخيري ركيزة أساسية في تعزيز المكانة الإنسانية لدولة الكويت على المستويين الإقليمي والدولي، وفي هذا الإطار يتجلى الدور الريادي للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، حيث جسّدت على مدى أكثر من أربعين عامًا روح المبادرة والمسؤولية الإنسانية من خلال مشاريع نوعية ومبادرات مستدامة امتدت آثارها إلى شتى بقاع العالم. 
 وبهذا الحضور الفاعل، أصبحت الهيئة الخيرية مثالًا يحتذى في العمل الخيري المؤسسي، الذي يعكس جوهر الرسالة الإنسانية لدولة الكويت في خدمة أصحاب الحاجة، ودعم قضايا التنمية، والثقافة، والتعليم، والإغاثة، تحت شعار: «الكويت بجانبكم».بزغت فكرة إنشاء الهيئة الخيرية على أرض الكويت في عام 1983م، خلال أعمال المؤتمر الثاني للمصارف الإسلامية، ولاقت ترحيبًا واسعًا واحتضانًا حارًّا من قبل الشعب الكويتي، الذي آمن برسالتها الإنسانية والتنموية النبيلة. 
وما إن حلّ عام 1984م، حتى انعقد الاجتماع التأسيسي الأول للهيئة الخيرية في دولة الكويت، وذلك في الأول من شهر رمضان المبارك لعام 1404هـ، الموافق 17 يونيو 1984م، بحضور حوالي 160 شخصية من رواد العمل الخيري والعلماء والشخصيات العامة من مختلف أقطار العالم الإسلامي؛ إيذانًا بانطلاق مسيرة إنسانية رائدة عابرة للحدود، تجسّد قيم التعاون والتكافل بين أبناء الأمة الإسلامية. 
ترأّس الاجتماع التأسيسي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق يوسف جاسم الحجي – رحمه الله –، تحت رعاية وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك أحمد سعد الجاسر، وبمشاركة نخبة من المؤسسين، حيث أسفر الاجتماع عن جملة من القرارات والتوصيات المحورية، من أبرزها إقرار الأهداف العامة للهيئة الخيرية ومناقشة مشروع النظام الأساسي والموافقة عليه، واعتماد دولة الكويت مقرًا رئيسًا للهيئة، واختيار أعضاء مجلس إدارة الهيئة.
وتقديرًا لحاجة الأمة الماسّة إلى كيان خيري مؤسسي منظم، وانطلاقًا من التوجهات الإنسانية الراسخة لدولة الكويت، صدر القانون رقم (64/1986م) بتأسيس الهيئة الخيرية رسميًا، وقد ورد في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون: «لما كانت هذه الهيئة المزمع إنشاؤها ذات طابع عالمي، ونشاط يشمل كثيرًا من الدول الإسلامية وغيرها، وفقًا لطبيعة نشاطها وتكوينها فإنها تخرج عن إطار جمعيات النفع العام بالكويت، وبالتالي عن إطار القانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن جمعيات النفع العام وتعديلاته؛ ولذلك فإنه يلزم لإنشائها ومنحها الشخصية الاعتبارية أن يكون ذلك بقانون، على أن يكون مباشرتها لنشاطها وفقًا للنظام الأساسي الذي يصدر بمرسوم».
 ثم تُوِّجت هذه الخطوة التاريخية بصدور مرسوم أميريّ بنظامها الأساسي، في عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح – طيّب الله ثراه – بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1407هـ الموافق 3 فبراير 1987م، لتبدأ الهيئة مسيرتها المؤسسية المباركة، حاملةً رسالة الكويت الإنسانية إلى مختلف أصقاع العالم. 
وقد ورد في حيثيات مرسوم إنشائها أنه صدر «نتيجةً للظروف القاسية التي تحيط بشعوب العالم الإسلامي، وما أفرزته من فقرٍ وجهلٍ ومرضٍ وحرمان، الأمر الذي دفع عددًا من المخلصين من أبناء الأمة إلى التنادي لوضع حدٍّ لهذه الأوضاع؛ استجابةً لأمر الله تعالى، وتطبيقًا لدعوة الإسلام في الحضِّ على التعاون والتكافل، فالمسلمون جسدٌ واحد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى». 
وقد اختار مجلس إدارة الهيئة الخيرية الوزير الأسبق يوسف جاسم الحجي – رحمه الله – رئيسًا له، فتولّى رئاسة المجلس لمدة خمسةٍ وعشرين عامًا منذ تأسيس الهيئة وتمكّن خلال هذه الفترة، وبالتعاون مع مجلس الإدارة الذي يضم 21 عضوًا، والجمعية العامة، والجهاز التنفيذي، من توسيع نشاط الهيئة ومجالات عملها، بما أسهم في تحقيق أهدافها وغاياتها النبيلة والطموحة.
وفي السادس والعشرين من جمادى الأولى عام 1431هـ، الموافق العاشر من مايو 2010م، انتخب مجلس إدارة الهيئة الخيرية الدكتور عبد الله المعتوق رئيسًا للمجلس، وجُدِّدت الثقة به لعدة دورات متتالية، إلى أن تقدّم باستقالته في التاسع من ديسمبر عام 2025م.
وبذلك، تبلورت رؤية نخبةٍ من رجالات الخير في دولة الكويت والعالم الإسلامي حول ضرورة إنشاء كيانٍ مؤسسيٍّ راسخ، يتجاوز المعالجات الآنية إلى عملٍ منظمٍ ومستدام، يواجه تحديات الفقر والحاجة، ويعمل على تمكين الإنسان علميًا وثقافيًا وتنمويًا واجتماعيًا، انطلاقًا من قيم التكافل والتضامن الإنساني.
ومنذ ذلك الحين، أخذت مسيرة الهيئة الخيرية في الاتساع والامتداد، لترسّخ للكويت حضورًا إنسانيًا وتنمويًا فاعلًا على الساحة الدولية، وقد نالت ثلاث عشرة شخصية من الأعضاء المؤسسين للهيئة جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، من بينهم: الشيخ يوسف الحجي، والدكتور عبد الرحمن السميط، والمشير عبد الرحمن محمد سوار الذهب، والدكتور شيخ أحمد ليمو، والشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصيّن، والدكتور عبد الله بن عمر نصيف، والشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي، وهو ما يعكس المكانة المرموقة التي تحتلها الهيئة في العالم الإسلامي، بوصفها منصةً جامعة تستقطب رموز الاعتدال والوسطية، وتسهم بفاعلية في خدمة الإنسان وتعزيز قيم الخير والتنمية المستدامة.
ومع اقتراب عام 2025 من نهايته، شهدت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تطورات مهمة تعكس استمراريتها وتكيفها مع التحديات العالمية.
 في ديسمبر 2025، انتخب مجلس إدارة الهيئة المهندس جمال عبدالخالق النوري رئيساً جديداً خلفاً للدكتور عبدالله المعتوق، الذي قدم استقالته لظروف خاصة بعد مسيرة حافلة بالإنجازات.
 أطلقت الهيئة في ديسمبر 18, 2025، منظومة منح إلكترونية حديثة لتنظيم العلاقة مع الشركاء الميدانيين وفق أعلى المعايير الدولية، مع التركيز على الحوكمة الحديثة، الكفاءة، والشفافية. 
 كما أكدت على دور الأوقاف كمصدر مستدام، مع تجاوز 13 وقفية متنوعة تدعم التعليم والصحة والإغاثة.
في نوفمبر 2025، ركزت الهيئة على مشاريع الطاقة المتجددة، مثل تزويد محطات مياه في السودان بأنظمة شمسية، لمواجهة التغير المناخي.
 وفي أكتوبر، شاركت في مؤتمرات دولية للتعليم، مؤكدة أن التنمية البشرية أساس التمكين.مع اقتراب عام 2026، تخطط الهيئة لتوسيع برامج «تمكين» و»نعمتي»، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي في إدارة المساعدات، وتعزيز الشراكات مع الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات في غزة وسوريا واليمن. 
هذه الخطوات تؤكد أن الهيئة، بعد أربعة عقود، جاهزة لعقد جديد من العطاء، محافظة على إرث المؤسسين ومستجيبة لتحديات العصر.
كما أكدت الهيئة في 2025، على استدامة الوقف كأساس لمواردها، حيث تجاوزت أوقافها الثلاثة عشر وقفية متنوعة، منها نور على الأرض، كفالة الأيتام، وقطرة ماء، مما يبقي بصمة الواقفين ممتدة عبر الأجيال.
من المشاريع الحديثة، تزويد ست محطات مياه ومرافق صحية في السودان بمنظومات طاقة شمسية متكاملة في 2025، مما يعزز خدمات المياه والصحة في المناطق النائية. 
كما تواصل الهيئة تعزيز الشراكات مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية، مع الحفاظ على استقلاليتها وتركيزها على التمكين المستدام.
هذه التحديثات تؤكد أن الهيئة، بعد أربعة عقود، لا تزال تتطور لمواجهة التحديات الجديدة مثل التغير المناخي والأزمات الإنسانية، مع الحفاظ على جذورها الإسلامية والكويتية الأصيلة، وتوسيع أثرها ليصل إلى ملايين المحتاجين حول العالم.