تصادف اليوم الأربعاء الذكرى ال67 لرحيل الشاعر الكويتي فهد صالح العسكر أحد أعلام التنوير والتجديد في الحركة الشعرية الكويتية الذي حمل معه في تجربته الثرية آمال وهموم الوطن وأحلام العروبة لينثرها شعرا خلده متقدا في وجدان الكويت والكويتيين وذاكرتهم.ولد فهد العسكر عام 1917 وفق ما أورد الكاتب عبدالله زكريا الأنصاري الذي كان صديقا وفيا له في كتابه (فهد العسكر حياته وشعره) ونشأ في أسرة متدينة ومحافظة وتلقى تعليمه المبكر في الكتاب قبل أن يدخل مدرسة المباركية عام 1922.وبذل العسكر الذي يعتبر أحد أبرز شعراء التجديد في الشعر الكويتي جهده في تثقيف نفسه باللغة العربية والتبحر بالشعر العربي وعشق الخروج عن المألوف والمكرر بل مثلت تجربته الشعرية مسارا جديدا للشعر في الكويت ليكون بحق شاعر التجديد والتنوير بحمله فكرا متحررا آنذاك على الرغم من اختلاف البعض معه إزاء ما سطره شعرا.لكن في المقابل رأى بعض معاصريه في تمرده عصيانا للواقع وخروجا على الكثير من الأفكار السائدة حينئذ في المجتمع الكويتي بسبب بعض قصائده التي كان عدد منها يحمل نقدا لما يراه من عادات وتقاليد.ولذا هجر الشاعر العسكر العديد ممن حوله وبقي له عدد قليل من أصدقائه المقربين لاسيما والدته التي ذرفت الدمع عليه بسبب الظروف القاسية المحيطة به وحالة العزلة التي كان فيها وحاولت قدر المستطاع التواصل معه لكسر تلك العزلة بمده بكل ما تسنى لها من اهتمام.وأثرت في الشاعر العسكر العديد من الأحداث التي تعرض لها في حياته وماصاحبها من آلام وأحزان جعلته جياش العاطفة وفياضا بالمشاعر وبرز ذلك جليا في جل أشعاره التي خاطب فيها ضمائر وعقول الكويتيين والمقيمين في الكويت وخارجها.ومع الوقت فقد الشاعر العسكر بصره ويقال إن ذلك مرده إلى ما تعرض له من حزن وأسى شديدين وما أحسه من المحيطين به وكان كفيف البصر لكن متقد ونافذ البصيرة.ويمكن القول إن العسكر كان مدرسة في الأدب الشعري الجديد في ذلك الوقت ومن أبرز قصائده قصيدة (كفي الملام) التي يتوسل فيها أمه ألا تعاقبه ويقول فيها (كفي الملام وعلليني فالشك أودى باليقين).وعلى الرغم من بروز العاطفة في أغلب قصائده فإنه حمل أوضاع الأمة العربية في هاجسه في ذلك الوقت بتناوله تردي أوضاع الوطن العربي من خلال قصيدة معبرة يقول فيها (طلع الفجر غن ياقمرية واطربي الروح بالأغاني الشجية).وفي آخر المطاف رحل فهد العسكر في 15 أغسطس عام 1951 عن 34 عاما وفقدته ساحة الشعر والأدب مفارقا الحياة في غرفة معزولة سكنها أواخر أيامه بإحدى البنايات قرب سوق (واجف) في قلب العاصمة الكويتية بعد فترة من المرض وهو مثقل بكل ما تعنيه الكلمة بالأسى والألم الشديدين.ودفن الشاعر العسكر في المقبرة قرب قصر نايف وحاول البعض طمس شعره لكن رفيق دربه عبدالله الأنصاري استطاع بعد جهد جهيد جمع ما تبقى من قصائده المكتوبة وجمع ما جاء على لسان قليل من أصدقائه وحفظته ذاكرتهم.وبعد وفاته بسنوات صور له عمل درامي من إنتاج تلفزيون الكويت تكريما له ويوثق مسيرته الأدبية بمراحلها حمل اسم (فهد العسكر الرحلة والرحيل) وتكريما لذكراه أصدرت وزارة المواصلات في عام 2009 طوابع تحمل صورته.