هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ، وهو إدريس بن يرد بن مهلائيل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام كان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغيره ، وعلى تاريخ أهل الكتاب المتقدم يكون بين مولد نوح وموت آدم مائة وست وأربعون سنة ، وكان بينهما عشرة قرون ، كما قال الحافظ أبو حاتم بن حبان في صحيحه : حدثنا محمد بن عمر بن يوسف ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام ، سمعت أبا سلام ، سمعت أبا أمامة أن رجلا قال : يا رسول الله أنبي كان آدم ؟ قال : نعم . مكلم . قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون . قلت : وهذا على شرط مسلم ، ولم يخرجه . وفي صحيح البخاري ، عن ابن عباس قال : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام . فإن كان المراد بالقرن مائة سنة ، كما هو المتبادر عند كثير من الناس فبينهما [ ص: 238 ] ألف سنة لا محالة ، لكن لا ينفي أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالإسلام ; إذ قد يكون بينهما قرون أخر متأخرة لم يكونوا على الإسلام ، لكن حديث أبي أمامة يدل على الحصر في عشرة قرون ، وزادنا ابن عباس أنهم كلهم كانوا على الإسلام ، وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ ، وغيرهم من أهل الكتاب : أن قابيل وبنيه عبدوا النار ، والله أعلم .
وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس ، كما في قوله تعالى : وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح [ الإسراء : 17 ] . وقوله : ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين [ المؤمنون : 42 ] . وقال تعالى : وقرونا بين ذلك كثيرا [ الفرقان : 38 ] . وقال : وكم أهلكنا قبلهم من قرن [ مريم : 74 ] . وكقوله عليه السلام خير القرون قرني . الحديث . فقد كان الجيل قبل نوح يعمرون الدهور الطويلة فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألوف من السنين ، والله أعلم .
وبالجملة فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الأصنام والطواغيت ، وشرع الناس في الضلالة ، والكفر فبعثه الله رحمة للعباد فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض ، كما يقول له أهل الموقف يوم القيامة ، وكان قومه يقال لهم بنو راسب فيما ذكره ابن جرير وغيره .
واختلفوا في مقدار سنه يوم بعث . فقيل : كان ابن خمسين سنة . [ ص: 239 ] وقيل : ابن ثلاثمائة وخمسين سنة . وقيل : ابن أربعمائة وثمانين سنة حكاها ابن جرير ، وعزا الثالث منها إلى ابن عباس .
وقد ذكر الله قصته وما كان من قومه ، وما أنزل بمن كفر به من العذاب بالطوفان ، وكيف أنجاه وأصحاب السفينة في غير ما موضع من كتابه العزيز ; ففي الأعراف، ويونس ، وهود ، والأنبياء ، والمؤمنون، والشعراء ، والعنكبوت ، والصافات ، واقتربت . وأنزل فيه سورة كاملة فقال في سورة الأعراف : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين [ الأعراف : 59 - 64 ] .
وقال في سورة يونس : واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين [ يونس : 71 73 ] . [ ص: 240 ] وقال تعالى في سورة هود [ ص: 241 ] : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين قالوا يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وقيل ياأرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين [ هود : 25 - 49] . وقال تعالى في سورة الأنبياء : ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين [ الأنبياء : 76 ، 77 ] . وقال تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون [ ص: 242 ] ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين [ المؤمنون : 23 - 30 ] . وقال تعالى في سورة الشعراء : كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم [ الشعراء : 105 - 122 ] .
كم عاش سيدنا نوح؟
ذُكِر في العديد من المؤلفات التي عرضت قصة سيدنا نوح لكثير من العلماء أنّ نوحًا (عليه السلام) قد عاش ألفًا وسبعمئة وثمانين سنة (1780) وكان أطول النبيين عمرًا، وذكر البعض الآخر من العلماء أنه عاش ألفًا ومئة وخمسين سنة (1150)، وقيل أيضًا أنه عاش ألفًا وأربعمئة وخمسين سنة.
بينما ابن عباس - رضي الله عنه - فقال أنّ نوحًا بُعث وكان عمره أربعين سنة، وبقي في قومه يدعوهم كما جاء في القرآن ألف سنة إلا خمسين، وعاش بعد الطوفان ستين سنة.
كثُرت الأقاويل في هذا الشأن وهو عدد السنين التي عاشها نوح (عليه السلام).
كيف عصى قوم نوح الله تعالى؟
كان قوم نوح (عليه السلام) يعبدون الأصنام وقد انصرفوا عن عبادة الله وتوحيده بإيعاز ووسوسة من الشيطان، ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عباس (رضي الله عنه) في تفسيره لقوله تعالى في [سورة نوح: الآية 23]
“وقالوا لا تَذَرُنّ ءالِهَتَكُم ولا تَذَرُنّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا ولَا يَغُوثَ ويَعوقَ ونَسْرًا”
أنّ هذه الأسماء لآلهة وأصنام اتخذها قوم نوح آلهة من دون الله، وترجع القصة إلى أنّ هذه الأسماء في الأصل تعود لصالحين كانوا يعيشون في قوم نوح، فلما ماتوا وجدها الشيطان بابًا يوسوس لهم منه، فوسوس إليهم أن يقوموا بصنع أنصابًا في مجالسهم التي كانوا يجلسون بها ويسمون هذه الأنصاب بأسمائهم، ففعلوا وعبدوهم من دون الله. ليست هذه الآلهة الوحيدة التي عبدها قوم نوح بل عبدوا آلهة كثيرة.
إرسال الله تعالى نوح عليه السلام لهداية قومه
كان نوح رجلًا صالحًا لم يحد عن عبادة الله تعالى، كما كان كثير الحمد والشكر لله وحده، ووصفه الله تعالى في قوله: “كان عبدًا شكورًا”
اختار الله عز وجل نوحًا ليدعو أهله بالرجوع إلى الله وترك عبادة غيره، وكما ورد في قوله تعال في [سورة هود : 25-26]
“ولَقَدْ أَرْسلْنا نُوحًا إلى قوْمِهِ إنّي لَكُمْ نذيرٌ مُبِينٌ - أَن لَّا تعبُدوا إلّا الله”
دعا نبي الله نوح قومه باللين والقول الطيب وحذرهم من عذاب الله في الدار الآخرة، وقد واجه نوح صعوبات كثيرة في دعوته لهداية قومه، فقد سارع المستكبرون في إثارة الشُّبه ضد دعوته؛ ليضللوا من أراد اتباعه والحيد عن طريق الضلال والكفر، وكان الذين أسرعوا إلى الكفر وصد دعوة نوح هم الملأ وهم رؤساء القوم خوفًا على مناصبهم في قومهم وهيبتهم من أن يذهب بها الدين الجديد، واتجاه الناس إلى التوحيد وعبادة الله.
قال تعالى في كتابه الكريم:
“فقالَ المَلَأُ الّذينَ كَفَرُوا من قَوْمِه - مَا نَرَاكَ إِلّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَام اتّبَعَكَ إِلَّا الّذين هُمْ أَراذِلُنَا بَادِيَ الرّأْيِ وَمَا نَرى لَكُمْ عَليْنَا مِنْ فضّلٍ بَلْ نَظُنُّكُم كَاذِبِين” [سورة هود: 27]
في هذه الآية الكريمة يوضح الله الشُّبه التي أثارها الملأُ ضد نوع، فالشبهة الأولى كانت أنه بشر مثلهم، وأن جميع أتباعه من الفقراء الضعفاء، والشبهة الثالثة متعلقة بالتكوين الجسدي وأنهم ليسوا مميزين ولا أفضل منهم في شيئ حتى يتبعوه.
اتّبع قوم نوح معه نفس الأسلوب الذي اتبعه الكفار على مر الأزمان مع جميع الرسل والأنبياء، بل إنهم كانوا أشد قسوة وظلم وإيذاء من غيرهم من الأقوام، اتهمه قومه بالجنون وأنه يقول ما لا يصدقه عاقل، وكانوا ينهالون عليه بالسب والترهيب والوعيد
استمر نبي الله نوح في دعوة قومه دون نتيجة ألف سنة إلا خمسين عامًا وهو زمن ليس بالقصير أبدًا، ولما يأس نوح (عليه السلام) وقف يخطب بينهم ويقول كما جاء في [سورة يونس: 71]
“يَا قَوْم إِنْ كانَ كَبُرَ عَليْكُم مَقَامِي وَتَذْكِيري بآيَاتِ اللّه فعَلى اللهِ تَوكّلْتُ فَأجْمِعُوا أمْرَكُم وَشُرَكَاءَكُم ثُمّ لا يَكُنْ أمْرُكُم عليْكُم غُمّةً ثُمّ اقْضُوا إلىَّ ولا تُنّظِرونِ”
ولما ازداد يأسه خاطب ربه ودعاه، واستجاب له الله تعالى، فكما قال تعالى في سورة نوح: الآيات 5 -6-7
“قَالَ رَبِّ إنّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا - فَلَم يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارَا - وإنّي كُلّما دَعَوْتَهُم لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أصَابِعَهُم في آذَانَهِم واستغّشَوْا ثِيَابَهُمْ وأصَرُّوا واسْتكْبرُوا استِكْبارًا”
تحمل سيدنا نوح (عليه السلام) ألوانا من العذاب من الكفار فدعا الله بألا يترك الكافرين على هذه الأرض؛ لأنهم إذا تُركوا سوف يضلوا الناس عن سبيل الهدى.
الله تعالى يأمر نبيه نوح بصنع السفينة
قال تعالى:
وُيصنعُ الفُلْكَ وَكُلّما مرّ عليه ملأٌ مِنْ قومِهِ سَخِرُوا منهُ قال إنْ تَسْخَرُوا منّا فإِنّا نَسخَرُ منْكُم كما تَسْخَرون”[سورة هود : 38]
إلى أن جاء يوم أوحى فيه الله تعالى لنوح “أنه لن يؤمنَ من قومِك إِلّا مَنْ قَدْ آمَنَ” وطلب منه الله ألّا يحزن وأن يصنع فلكًا أي سفينةً وسوف تساعده الملائكة في صنعها وتوجيهه بالتعليمات، وساعده فيها من اتبعه من المؤمنين. وقد كانت هذه السفينة هي معجزة نوح.
استغرق بناء السفينة وقتًا طويلًا ولعلها كانت فرصة لهم، بدأ نوحٌ في تقطيع الأخشاب وصنع السفينة، كان الكفار كلما مروا عليه وجدوه يصنع السفينة ومنهكًا في صنعها كانوا يستهزئون به وبصنعه لعدم وجود أنهار أو بحار قريبة من مكان عيشهم.
ويثبت أنّ السفينة كانت من الأخشاب قوله تعالى: “وحَمَلْناهُ على ذات ألواحٍ ودُسُر” [سورة القمر]
انتهى سيدنا نوح من بناء السفينة العظيمة وانتظر أمر ربه، وقد علّمه الله تعالى أنّ علامة حدوث الطوفان العظيم هي أن يفور التنّور، وأمره الله تعالى أن يأخذ على ظهر السفينة من كل حيوان وطير وأي من المخلوقات زوجين، صعد مع نوح (عليه السلام الكائنات التي أمره الله بتجميعها، وكذلك المؤمنون الذين اتبعوه وكان عددهم قليل.
كانت زوجة نوح (عليه السلام) من الكفار، فكانت تكذبه وتكفر بالله وتشرك بها، وعلى الرغم من محاولاته الكثيرة معها لهدايتها إلا أنها كانت مع القوم الكافرين. وكان أيضًا من المكذبين لنوح ابنه كان عنده أمل في أن يلحق بأبيه على السفينة ويكون من الناجين لكنه رفض وتمسك بكفره ظنًا منه أنه سينجو إذا لجأ إلى قمة أعلى الجبال، ولم يعرف أنه لا ملجأ له من الله إلا إليه.
الطوفان العظيم
وفي يوم الطوفان العظيم أمر الله الماء بإغراق الأرض كلها، فكل فتحة من فتحات الأرض خرج منها ماء منهمر، ونزل من السماء أمطار لم تر مثلها الأرض، أخذت المياه في الازدياد والارتفاع حتى بلغت أعلى أطول الأشجار وغطتها بالكامل هي وقمم أعلى الجبال.
وفي بداية الطوفان رأى سيدنا نوح ابنه وهو يحاول النجاة من الغرق، فقال له أن يأتي معه على السفينة ويكون من المؤمنين الموحدين فأبى ابنه، وحالت الأمواج بينه وبين أبيه وغرق مع الكافرين.
استمر الطوفان وقد غرقت كل الأحياء على الأرض إلا من كان على سفينة نوح (عليه السلام)، ثم أمر الله تعالى السماء أن تمسك عن المطر وأمر الأرض أن تبتلع ما عليها من مياه، ثم أمر الله نوحًا أن ينزل ومن معه من السفينة فتفرقت الحيوانات والطيور والحشرات على الأرض، وبدأت حياة جديدة ليس بها غير المؤمنين الموحدين بالله تعالى الذين آمنوا بنوح عليه السلام.
قصة سيدنا نوح في القرآن الكريم
ورد الحديث عن سيدنا نوح عليه السلام في العديد من السور القرآنية، ففضلًا عن سورة نوح التي اختصها الله تعالى كاملة لقصة دعوته لقومه، فقد ذُكر نوح عليه السلام وقصته في سور قرآنية عديدة مثل: سورة آل عمران وسورة النساء، والمائدة والأنعام وهود والعنكبوت.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا نوح عليه السلام
لم تختلف الرسل والأنبياء منذ إعمار الأرض وحتى جاء خاتم المرسلين والنبيين سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، فقد كان هدفهم واحد وهو دعوة البشر لعبادة الله الواحد الخالق، والقضاء على الشرك.
قصة دعوة نوح عليه السلام وما بها من الصبر على الأذى، وبذل كل ما بأيديه من أجل الدعوة إلى الله تعالى رغم الإيذاء الذي تعرض له، واستخدامه كل الأساليب لترغيبهم في التوحيد بالله على طول مئات السنين تعلمنا الصبر والإصرار.
كان نوح عليه السلام رمزًا للإخلاص التام لله تعالى عند من جاء بعده من الأنبياء.
نتعلم من نبي الله نوح عليه السلام قيمة وأهمية الشكر والحمد دائمًا في السراء والضراء، وأنّ الله تعالى يقدّر عباده الشاكرين.