مع اقتراب فصل الشتاء في غزة، تتزايد المخاوف من كارثة إنسانية جديدة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الخيام والملاجئ ووسائل الحماية من الأحوال الجوية القاسية.
وتتفاقم هذه الأزمة مع غياب آليات فعالة لتوزيع المساعدات الإنسانية، ما يهدد حياة مئات الآلاف من الأسر التي تواجه بالفعل ظروفًا معيشية صعبة نتيجة للعمليات العسكرية المستمرة.
ولهذا السبب وضع مركز رصد للدارسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة البريطانية لندن ورقة تقدير موقف حملت عنوان " الشتاء في غزة قادم.... أزمة إنسانية تلوح في الأفق"، وهي الورقة التي قالت في بدايتها إن إنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى تهدئة شاملة مع حركة حماس أصبح أمرًا ضروريًا لتجنب تصاعد الأزمة الإنسانية وفتح الباب أمام إغاثة الشعب المنهك.
وبالنسبة للوضع الإنساني في غزة قالت الورقة إن القطاع يعتبر احد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، ومع تصاعد الصراع، ازدادت الضغوط على البنية التحتية الهشة التي تعتمد عليها المدينة في تلبية احتياجات سكانها.
وتضيف الورقة إن الحرب المتواصلة ألحقت أضرارًا بالغة بالبيوت والمستشفيات والمدارس، مما دفع السكان إلى البحث عن مأوى مؤقت في مدارس مكتظة أو خيام لا تكاد تفي بالحد الأدنى من الحماية. ولكن مع اقتراب فصل الشتاء، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا، حيث يعاني الكثيرون من نقص في الأغطية والوقود لتدفئة أماكن إقامتهم المؤقتة، مما يجعلهم عرضة لأمراض خطيرة وحالات صحية متدهورة.
وتشير الورقة إلى أن الحاجة إلى وقف القتال وإنهاء الحرب في غزة لم يعد خيارًا بل ضرورة ملحة.
وعند هذه النقطة تقول الورقة إن استمرار القتال يعرقل الجهود الإنسانية ويحول دون وصول المساعدات إلى من يحتاجها. دون اتفاق مع حركة حماس، سيبقى المدنيون ضحايا للصراع، وسيستمر عجز الجهات الدولية عن إيصال الدعم بشكل فعال. وتوصي الورقة بأن تتخذ الأطراف الدولية خطوات جدية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بأي ثمن لضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان، ومنع تفاقم الأزمة الإنسانية خلال فصل الشتاء.
التحديات في توزيع المساعدات
وتتطرق الورقة لنقطة توزيع المساعدات ، وتقول إنه حتى مع وجود المساعدات، لا تزال هناك مشكلات كبيرة تعيق توزيعها بشكل عادل وفعال. تفرض القيود المفروضة على نقاط العبور، والتعقيدات البيروقراطية، ونقص التنسيق بين المنظمات الإنسانية، تحديات كبيرة أمام إيصال الإغاثة إلى المتضررين. كما أن استمرار النزاع يعرض حياة فرق الإغاثة للخطر، ويعرقل جهودهم لتوزيع المساعدات بشكل آمن. لذا، فإن التوصل إلى تهدئة ليس فقط مطلبًا إنسانيًا ولكنه أيضًا شرط أساسي لتمكين المنظمات من العمل بفعالية ودون مخاطر.
توصيات
تضع الورقة في النهاية بعض من التوصيات السياسية لتحقيق تهدئة مستدامة والوصول إلى حلول فعالة للأزمة، يجب اتباع نهج متعدد الجوانب يتضمن:
1. التفاوض الدولي: يجب أن تضغط الأطراف الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الطرفين لبدء مفاوضات جادة للوصول إلى هدنة طويلة الأمد.
2. وقف القتال الفوري من جيش الاحتلال وحماس لرفع المعاناة عن المدنيين في قطاع غزة
3. تعزيز التنسيق الإنساني: يتعين على المنظمات الدولية بالتعاون مع الحكومات المحلية والإقليمية وضع آليات سريعة لتسهيل وصول المساعدات إلى جميع المناطق المتضررة في غزة.
4. إعادة بناء البنية التحتية: تحتاج غزة إلى دعم خارجي لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية التي تدمرت، ما سيمكن السكان من الحصول على مأوى آمن وفرص للعيش الكريم.
5. تأمين الحماية للمدنيين: يجب على الجهات الدولية العمل على ضمان حماية المدنيين والسماح بتوصيل المساعدات دون عوائق من خلال وسائل آمنة.
وفي النهاية تقول الورقة إن الأزمة في غزة تتطلب تحركًا دوليًا فوريًا لإنهاء القتال والتوصل إلى تهدئة شاملة. الشتاء القادم يمثل تهديدًا خطيرًا لحياة الآلاف من السكان، وما لم تُتخذ خطوات عاجلة لضمان تلبية احتياجاتهم الأساسية، فإن الوضع قد ينحدر نحو كارثة إنسانية لا تُحمد عقباها.