قال تقرير الشال الأسبوعي الصادر حول «النفط والمالية العامة – ضغوط محتملة»: الكويت على مشارف البدء في إعداد مشروع موازنتها العامة للسنة المالية القادمة 2025/2026، والممول الرئيسي الطاغي لتلك الموازنة هو إيرادات النفط، ولا بأس من استعراض لحركة أسعار النفط لما مضى من السنة المالية الحالية 2024/2025، لأن اتجاه تلك الحركة سوف يستمر في الغالب إلى الأدنى، إضافة إلى تقلص احتمالات زيادة الإنتاج النفطي في المستقبل.
في الربع الأول من السنة المالية الحالية (أبريل – يونيو 2024)، بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 86.8 دولار أمريكي، وحينها تلقت أسعار النفط دعماً من خفض إنتاج «أوبك+» بالإضافة إلى اشتداد الأحداث الجيوسياسية وتحديداً في منطقة البحر الأحمر.
وفي الربع الثاني من السنة المالية الحالية (يوليو – سبتمبر 2024)، بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي 79.9 دولار أمريكي، أي فقد نحو -7.9% من معدل أسعار الربع الأول، وفي سبتمبر قررت «أوبك+» تأجيل نيتها لاستعادة ما يقارب 1.8 مليون برميل يومياً من فاقد الإنتاج من شهر أكتوبر إلى شهر يناير 2025، نتيجة ضعف سوق النفط.
وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي لشهري أكتوبر ونوفمبر 2024 نحو 74.3 دولار أمريكي بانخفاض بنحو -7.0% عن معدل الربع الثاني، وانخفاض -14.3% عن معدل الربع الأول.
ومالم يحدث ما هو غير متوقع على الجبهة الجيوسياسية ويرفع أسعار النفط إلى الأعلى، يبدو أن الاحتمال الغالب هو استمرار المنحى الهبوطي لأسعار النفط وإن بوتيرة أدنى، إضافة إلى قرار “أوبك+” الخميس الفائت تأجيل استعادة فاقد الإنتاج في يناير القادم.
يضاف إلى ما تقدم، ذلك الاحتمال الغالب بأن يفقد أداء الأسواق المالية العالمية حيث تستثمر أموال احتياطي الأجيال القادمة زخمه لسببين، الأول هو ارتفاع احتمالات ولوج أهم اقتصادات العالم في حرب تجارية مع استلام الإدارة الأمريكية الجديدة للسلطة في 20 يناير، وللحرب التجارية إن تحققت تداعياتها السلبية على نمو الاقتصاد العالمي، إضافة إلى ارتفاع الاحتمالات بالعودة إلى مستويات التضخم المرتفعة ومعها السياسات النقدية المتشددة، والثاني هو بلوغ أسعار الأسهم في بعض أسواق العالم المالية مستوى ينذر بفقاعة.
ذلك يعني ارتفاع احتمالات تعرض مصدرَي إيرادات المالية العامة وليس فقط الميزانية العامة، النفط والاستثمارات لضغوط سلبية، ولأن التأثير في مسارهما خارج سيطرة الإدارة العامة المحلية، يبقى مستوى النفقات العامة على المدى القصير هو ما تملك الإدارة العامة سلطة عليه. ورغم أن درجة مرونة النفقات العامة ضعيفة، فنحو 90% من نفقاتها جارية، وتحديداً رواتب وأجور، إلاّ أن البحث التفصيلي في مناحي الهدر ضمنها أمر مستحق، لأن رقم عجز الموازنة للسنة المالية القادمة سوف يرتفع كثيراً وسوف يكون عجزاً حقيقياً وليس افتراضياً. وتظل علاجات المدى القصير، مثل البحث عن بعض الخفض للنفقات صالحة فقط لشراء بعض الوقت، ومالم تملك الإدارة العامة رؤية واضحة محددة ببرنامج زمني لتنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة النفقات العامة، سوف تظل استدامة اقتصاد الكويت وماليتها العامة تحت تهديد متزايد.