اطلق الملتقى الإعلامي العربي فعاليات ملتقى «الملهمون» في نسخته السنوية الرابعة، والذي سلط الضوء على التوعية الطبية بمختلف أشكالها وكذلك الفن والإعلام والثقافة، عبر 3 جلسات تفاعلية شارك فيها إعلاميون، وكذلك أطباء من داخل وخارج الكويت.
وفي حديثه للإعلاميين حول الفعالية وأهدافها، قال رئيس الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس: «إننا سعداء بإطلاق فعالية ملتقى الملهمون التي تتكرر كل سنة في نفس التوقيت، مشيرًا إلى أن الحضور الكبير في هذا الملتقى إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الناس تُحب الجودة في الأنشطة والفعاليات».
وأضاف الخميس أن هناك بعض الشخصيات التي تستلهم منها الناس أفكارها وطريقة حياتها، لذا فإننا في «الملهمون» نحرص على انتقاء نوعيات معينة من المشاركين، وهذا أحد الأنشطة التي نقيمها سنويًا ضمن فعاليات الملتقى الإعلامي العربي، إضافة إلى فعالياتنا المختلفة طوال العام، سواء داخل الكويت أو خارجها».
ولفت إلى أن الأنشطة التي ينظمها الملتقى، باعتباره ذراعًا إعلاميًا للجهات المعنية في الدولة تساهم في إقامة الفعاليات والأنشطة التي تُبرز الدور الحضاري والحيوي لدولة الكويت؛ إنما يأتي استكمالًا لما بدأناه منذ عام 2003 من أنشطة وفعاليات تتعلق بالملتقى الإعلامي العربي، مشيرا إلى أن جائزة الكويت للإبداع في دورتها الثانية عشرة تُعد أحد أوجه تكريم المبدعين في مختلف الدول العربية.
وتابع: «إضافة إلى ذلك، نحتفل هذا العام بكون الكويت عاصمة للثقافة وعاصمة للإعلام العربي لعام 2025، وهي مناسبة جيدة لأن تكون انطلاقة الملتقى الإعلامي العربي والملهمون بداية لتلك الاحتفالات»، لافتا إلى أن
ملتقى الملهمون يطرح في كل سنة موضوعات مختلفة، وقد اخترنا هذا العام التركيز على الفن والإعلام والثقافة والتوعية الطبية بمختلف أشكالها.
وقد جاءت الجلسة الأولى بعنوان «أبجديات الإلهام»، شارك فيها كل من د. مهاب مجاهد وهو طبيب نفسي من جمهورية مصر العربية، وطبيب العائلة الكويتي د. أحمد عبدالملك، والذي أكد خلال مشاركته على أهمية الصحة النفسية باعتبارها لا تقل أهمية عن الغذاء والرياضة، موضحا أن الشخص قد يتعرض في حياته اليومية لنفس الموقف، لكن المزاج والنفسية هما اللذان يتحكمان في سلوك الشخص، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «أنا عند حسن ظن عبدي بي».
ولفت د. عبدالملك إلى أن الكثير من الناس عند بحثهم عن الصحة النفسية لا يبدؤون من أساسياتها وأبجدياتها حيث إن الصحة النفسية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالصحة العامة التي تعتمد على خمسة عناصر أساسية، العنصر الأول هو الغذاء الصحي الذي يشمل تناول الأكل الطبيعي غير المصنع مع تقسيم الوجبات الرئيسية بشكل متوازن والحرص على أن لا يخلو اليوم من الفاكهة أو الشوكولاتة مع شرب الماء بانتظام وبشكل دائم، في حين أن العنصر الثاني يتمثل في الرياضة والحركة التي يمكن أن تكون بسيطة وأدناها المشي لمدة نصف ساعة يوميا.
وتابع أن العنصر الثالث هو النوم الجيد الذي يتطلب الحصول على نوم كاف وذي جودة عالية لضمان الحفاظ على الصحة النفسية والبدنية، في حين أن العنصر الرابع يرتبط بالصحة النفسية نفسها من خلال الحفاظ على المزاج بعيدا عن التوتر والضغوطات، أما العنصر الخامس فهو الصحة الوقائية التي تقوم على عدم انتظار المرض للذهاب إلى الطبيب بل المبادرة بالفحص الدوري للاطمئنان على الصحة العامة.
وشدد على أن المزاج يعد ثمينا جدا وله تأثير كبير على حياة الإنسان مؤكدا على حق المرأة في ممارسة الرياضة وفي كل ما يساعدها على تحقيق التوازن النفسي الذي يعزز من مزاجها، مؤكدا أهمية التأمل في حياة الإنسان لما له من دور كبير في تحقيق الهدوء النفسي والابتعاد عن الصخب والضوضاء وتأثير الهاتف، حيث إن التأمل يساعد الجسم على إفراز هرمونات إيجابية تقلل من تأثير الكورتيزول وهو الهرمون الذي يفرزه الجسم في حالات التوتر مستشهدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم «أرحنا بها يا بلال».
وأشار إلى أن أفضل طريقة للتأمل والهدوء تكون بممارسة التأمل لمدة خمس عشرة دقيقة يوميا وذلك من خلال ترك الهاتف جانبا والابتعاد عنه بشكل تام بالإضافة إلى المشي في حديقة أو مكان هادئ مع التركيز على عناصر الطبيعة، مؤكدا أن هذه الممارسات ستترك أثرا إيجابيا كبيرا على الذهن وتحسن من الصحة النفسية.
السلبية والإيجابية
وخلال مشاركته في الجلسة الأولى تحدث الدكتور مهاب مجاهد عن السلبية والإيجابية في المواقف التي تواجه حياة الإنسان وتأثيرها على العقل مؤكدًا أهمية التفاؤل والإيجابية موضحًا أن الإنسان يرى نفس الموقف بطريقة مختلفة عندما تكون حالته المزاجية مختلفة لذا من الضروري الحفاظ على حالة مزاجية متزنة لأن المزاج قيمته تساوي قيمة الحياة وكما أن الوقاية مهمة في الأمراض العضوية فهي كذلك في الأمراض النفسية.
وأشار الدكتور مجاهد إلى أنه بمجرد شعور الشخص بخلل في الأداء الوظيفي أو الأسري أو الاجتماعي واستمرار هذا الخلل لمدة تقترب من ثلاثة شهور فعليه زيارة الطبيب النفسي للفحص والاطمئنان محذرًا من السماح للأداء بالانهيار قبل التوجه للطبيب.
وردا على سؤال حول سبب نشاط وتفاعل المرأة أكثر من الرجل، أوضح الدكتور مهاب أن الكثير من الرجال في المجتمع لا يملكون رفاهية طلب المساعدة أو التوعية أو حتى المعلومات بسبب عدم اعتيادهم على البكاء، أو إظهار الضعف وهو ما جعل الذكورية المفرطة تظلم الرجل قبل أن تظلم المرأة، مضيفًا أن الأمراض النفسية ليست أكثر انتشارًا بين النساء، لكن النساء أكثر ميلًا لطلب المساعدة العلاجية أو التوعوية.
وأكد على أن أهم ما تحتاجه السيدة هو الوقت الذي تقضيه مع نفسها في نهاية كل يوم لكي تستقر نفسيتها ولأجل أبنائها سواء قضت هذا الوقت في العبادة أو المحادثة مع الآخرين أو الاسترخاء، فهذا الوقت بمثابة شحن بطارية نفسية، موضحا أن من الضروري أن تفصل السيدة وقت خلودها إلى النوم عن أحداث يومها وأن لا تحمل همومها إلى فراشها لأن جودة النوم ستتأثر طالما احتضنت همومها.
وأشار مجاهد إلى أن هناك ثلاث هوايات أساسية تحافظ على الصحة النفسية وهي ممارسة الرياضة والقيام بنشاط يحافظ على الصحة العقلية مثل القراءة، بالإضافة إلى هواية تدر دخلًا إضافيًا غير العمل الأساسي مما يساهم في تعزيز شعور الأمان والاستقرار النفسي، مشددا على أهمية أن يترك الرجل لزوجته فرصة لتعيش وقتها الخاص لأن الأسرة كلها ستستفيد من النتائج الإيجابية كما أكد ضرورة تربية الأبناء على المشاركة في الأعمال المنزلية وتعزيز دورهم في الأسرة.
واختتم الدكتور مهاب حديثه بأن المجتمع هو المرأة شاء من شاء وأبى من أبى، فهي اللاعب الرئيسي والمحرك الأساسي في الحياة مشيرًا إلى أن التغيير يبدأ من الأم التي يجب أن تُعلم ابنها كيف يكون رجلًا مشاركًا وفعالًا لأن أعظم دور في الحياة هو دور الأم التي تُربي الأجيال وتعزز ثقافة المشاركة.