تُعد المساجد من أبرز المعالم الدينية والثقافية في العالمين العربي والإسلامي، حيث لا تقتصر أهميتها على كونها أماكن للصلاة فحسب، بل تمتد لتكون مراكز للتعلم والتوجيه الاجتماعي والديني.
وتعد المساجد بمثابة قلب المجتمع المسلم، إذ تجمع بين الأفراد في أوقات الصلاة لتوحدهم في عبادة الله وتذكيرهم بالقيم والمبادئ الإسلامية.
وفي الدول العربية والإسلامية، تعتبر المساجد من الأماكن التي يعكس فيها الفرد ارتباطه العميق بالإيمان وحرصه على ممارسة شعائر دينه. بالإضافة إلى دورها الروحي، تلعب المساجد دوراً اجتماعياً وثقافياً مهماً، حيث تشكل بيئة مناسبة للتعليم، كدروس القرآن الكريم والحديث النبوي، فضلاً عن كونها مكانًا للتضامن المجتمعي من خلال تقديم الدعم والمساعدة للفقراء والمحتاجين. كما أن المساجد تعد منابر لتمرير القيم الإنسانية النبيلة، مثل العدالة والمساواة، وتعزيز روح التعاون بين المسلمين. لذلك، تشكل المساجد حجر الزاوية في بناء المجتمعات الإسلامية، وتسهم بشكل مباشر في تعزيز الهوية الدينية والثقافية للأفراد والمجتمعات. وفي هذه المساحة سنسلط الضوء على أهم المساجد في الدول العربية والإسلامية ودورها في بناء المجتمعات الإسلامية.
- فيه مكتبة عامة من أكبر المكتبات في العالم العربي
الجامع الكبير في صنعاء، هو جامع بني في عهد الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة أو التاسعة للهجرة، ثم أمر بتوسعته الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك والولاة من بعده.
وتوجد فيه مكتبة عامة تعد من أكبر المكتبات في العالم العربي، ويقال إن هذا الجامع بني على أنقاض قصر غمدان الشهير بصنعاء.
ويعتبر الجامع الكبير بصنعاء من أقدم المساجد الإسلامية، وهو أول مسجد بني في اليمن ، ويعتبر من المساجد العتيقة التي بنيت في عهدالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث أجمعت المصادر التاريخية على أنه بني في السنة السادسة للهجرة ، حين بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الصحابي الجليل و بر بن يحنس الأنصاري والياً على صنعاء ، وأمره ببناء المسجد فبناه ما بين الصخرة الململمة وقصر غمدان ، وكان أول بنائه بسيطاً وصغيراً جداً يتماشى مع عمارة المساجد الأولى ، فكان مربع الشكل طول ضلعه متراً ، له باب واحد من الناحية الجنوبية وبه (12) عموداً أشهرها المنقورة وهو العمود السادس من ناحية الجوار الشرقي الحالي ، والمسمورة ، وهو العمود التاسع من ناحية الجوار الشرقي - أيضاً - ومقسم من الداخل إلى ثلاثة أروقة ، وكان يوجد بالرواق الشمالي المحراب الأصلي ، فقد تعرض الجامع خلال العصور الإسلامية المتتابعة إلى تجديدات وتوسيعات عديدة ، وكان من أوائل هذه التوسيعات قام بها الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك (86 - 96هـ) - (705 - 715م) في ولاية أيوب بن يحيى الثقفي ، شمل التوسع في الإتجاه الشمالي من ناحية القبلة الأولى إلى موضع القبلة الحالية ، وفي فترة أول والي لبني العباس في صنعاء الأمير عمر بن عبدالمجيد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب ، نقلت أحجار أبواب الجامع من قصر غمدان ومنها المدخل الذي يقع على يمين المحراب وبه صفائح من الفولاذ متقنة الصنع من ضمنها لوحان مكتوبان بخط المسند.
توسيع المسجد
وفي عام 136هـ - 754م أجري توسيع على يد الأمير علي بن الربيع بأمر من الخليفة المهدي العباسي ، وفقاً للوحة المكتوبة في صحن المسجد. وفي عام 265هـ أجري على يد الأمير محمد بن يعفر الحميري توسيع كان من ضمنه السقوف الخشبية المصنوعة من خشب الساج، خاصة في عمارة الرواق الشرقي والذي يتكون من مصندقات خشبية غاية في الدقة والإبداع ، إلاَّ أن بعض المؤرخين اليمنيين ينسبون عمارة الرواق الشرقي في الجامع إلى الملكة أروى بنت أحمد الصليحي في عام 525هـ - (1130 - 1131م) ويعود تجديد المأذنتين الحاليتين إلى عام 603هـ - 1206م ، حيث قام بتجددهما ورد بن سامي بعد أن تهدمت وسقطت. وفي عام 1012هـ قام الوالي العثماني سنان باشا ببناء الصرح المعروف اليوم بالشماسي برصفه بالحجار .. كما بنى القبة الكائنة في الفناء ، وقام الحاج محمد بن علي صبرة بإصلاح المنارة الشرقية في أوائل القرن الرابع عشر الهجري. وفي عام 1355هـ - 1936م بنى الإمام يحيى بن محمد بن حميد الدين المكتبة التي تقع غرب المنارة الشرقية ، وكذلك السقف الأوسط في الجناحين. كما حفر البئر الغربية للجامع وأصلح سواقيها إلى المطاهير ، وقد وسعت المكتبة في عهد الإمام أحمد بن يحيى بن حميد الدين في عام 1374هـ.
والجامع بأبعاده الحالية ينطبق تقريباً على شكل الجامع الذي أمر بإنشائه الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك سنة (86 - 96هـ) - (705 - 715). فالجامع مستطيل الشكل ، تبلغ مساحته حوالي (68 - 65) بنيت جدرانه الخارجية بحجر الحبش الأسود والشرفات العليا بالطابوق والجص ، ويحتوي على (12) باباً ثلاثة في جدار القبلة منها باب يعود تاريخه إلى فترة التاريخ القديم ، نقل من أبواب قصر غمدان وهو على يمين المحراب ، وفي الجدار الجنوبي مدخل واحد يعرف بالباب العدني تتقدمه قبة صغيرة ، وفي الجدار الشرقي خمسة مداخل، وفي الجدار الغربي ثلاثة مداخل يتوسط مساحة الجامع فناء مكشوف مساحته حوالي (38.90 - 38.20) متر تتوسطه كتلة معمارية مربعة الشكل طوال ضلعه ستة مترات ، تغطيها قبة محفوظة فيها وقفيات الجامع ومصاحفه ومخطوطاته يحيط بصحن الجامع أربعة أروقة ، الرواق القبلي (61 * 18.50) متر عمقاً ، والرواق الجنوبي (60.40 - 15.10) متر ، والرواق الغربي (39.75 - 11) متراً ، ويوجد ضريح في الناحية الجنوبية من الرواق الغربي يطلق عليه ضريح حنظلة بن صفوان .
ويبلغ عدد الأعمدة في الجامع (183) عموداً ، منها (60) عموداً قبلية، و(30) عموداً غربية، و(54) عموداً في المؤخرة ، و(39) عموداً شرقية. ويعود تاريخ هذه الأعمدة إلى القرن الرابع حتى القرن السادس الميلادي. أما السقوف المصندقة ذات الزركشات الفنية المرسومة بطريقة الحفر الملونة فهي فريدة في العالم الإسلامي ويحدد تاريخ السقف المصندق للرواق الشرقي بالقرن الثالث الهجري استناداً إلى طرازه، بينما يعود تاريخ سقوف الرواق الغربي وبعض أجزائه إلى العصر الأموي أو إلى أوائل العصر العباسي ، وللجامع مئذنتان ، في الناحية الجنوبية واحدة ، والثانية في الناحية الغربية منه. وتعتبر من أقدم المآذن الباقية باليمن ، فالمئذنة الشرقية جددت بداية القرن السابع الهجري ، وأعيد تجديدها في أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، وتتكون هذه المئذنة من قاعدة حجرية مربعة الشكل بها مدخلان أحدهما في الناحية الشمالية والآخر في الناحية الشرقية يقوم عليها بدن مستدير تعلوه شرفة مزدانة بصوف في المقرنصات ويعلو البدن بدن آخر سداسي الشكل بكل ضلع فتحة نافذة معقودة ، ويتوج هذا البدن بقبة صغيرة وقد وصفها الرازي بأنها لم يعمل مثلها إلاَّ في دمشق أو في منارة الإسكندرية. أما المئذنة الغربية فهي تشبه المئذنة الشرقية إلى حد كبير مبنية على قاعدة مربعة (4.25) متر ، يبلغ ارتفاع هذه القاعدة حوالي خمسة مترات، ويوجد غرب المنارة الغربية مكتبة مملوءة بذخائر التراث العلمي والثقافي اليمني في كافة المجالات ، وفيها المخطوطات النادرة ومنها نسخ من القرآن الكريم الذي نسخ في عهد الخليفة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - كما يوجد قبران في فناء الجامع تحت المنارة الشرقية.
مئذنتان للجامع
للجامع مئذنتان، في الناحية الجنوبية واحدة، والثانية في الناحية الغربية منه، فالمئذنة الشرقية أعيد تجديدها في أوائل (القرن 13هـ/19م)، وتتكون هذه المئذنة من قاعدة حجرية مربعة الشكل بها مدخلان أحدهما في الناحية الشمالية والأخرى في الناحية الشرقية يقوم عليها بدن مستدير تعلوه شرفه مزدانة بصفوف من المقرنصات ويعلو الشرفة بدن آخر سداسي الشكل فتح بكل ضلع نافذة معقودة، ويتوج هذا البدن بقبة صغيرة وقد وصفها “الرازي” بأنه لم يعمل مثلها إلا في دمشق أو في منارة الإسكندرية، أما المئذنة الغربية في تشبه المئذنة الشرقية إلى حد كبير مبنية على قاعدة مربعة (4.25 متر) يبلغ ارتفاع هذه القاعدة (5 مترات)، ويوجد غرب المنارة الغربية مكتبة مملوءة بذخائر التراث العلمي والثقافي واليمني في كافة المجالات، وفيها المخطوطات النادرة، ومنها نسخ من القرآن الكريم الذي نسخ في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضوان الله عليه، كما يوجد قبران في فناء الجامع تحت المنارة الشرقية.