(البزاز) تسمية كانت تطلق على تاجر الأقمشة والثياب قديما في الكويت وأيضا تطلق على من يبيع الملابس أو يخيطها وهي كلمة عربية وردت في معظم المعاجم العربية مثل الوسيط الذي عرف البزاز بأنه بائع الثياب والأقمشة.
وعن هذه المهنة قديما قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال في كتابه (الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت) إن البزاز هو بائع الخام وهو الاسم الذي كان يطلق على القماش قديما إذ كان سوق (خليل القطان) كما يعرفه البعض هو المكان المخصص لبيع الأقمشة في الكويت حتى منتصف عشرينيات القرن الماضي لينتقل بعدها البزازون إلى (سوق بن رشدان) المتفرع من السوق الداخلي في الثلاثينيات.
وأوضح أن التجار كانوا يستوردون القماش قديما في صناديق خشبية كبيرة أو على هيئة (فردات) أي ربطات كبيرة تصل بالأبوام والمراكب وهي ملفوفة بورق مقاوم للرطوبة مغطى بالخيش ومربوط بأطواق (شرائط) من الحديد الخفيف وتكون طاقات (ربطات) القماش مصفوفة داخل تلك الفردات ويتم عادة ربط (البالة) أو الحزمة بخمسة أو ستة أطواق.
وأضاف جمال أن الأقمشة في الماضي كانت تستورد بداية من الهند بما فيها تلك المصنوعة في أوروبا لكنها بدأت تصل بالبواخر من أوروبا مباشرة مطلع الأربعينيات وكان معظمها من إنكلترا وألمانيا وفرنسا.
وأوضح أن الأقمشة اليابانية وصلت الكويت في نهاية الأربعينيات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عندما بدأ اليابانيون بتقليد الأقمشة الإنكليزية.
وذكر أن البزازين كانوا يشترون القماش من تجار الجملة ويبيعونه في محلاتهم بالوار أي الياردة وهو القياس الذي كان سائدا في الكويت إلى منتصف الستينيات تقريبا عندما استبدل بالمتر.
وعن أنواع الأقمشة أفاد جمال بأن القماش ينقسم إلى نوعين رجالي ونسائي كما أن هناك أصنافا شتوية وأخرى صيفية ومن أبرز الأقمشة الشتوية للرجال الصوف الكشميري الذي كان يستخدمه عدد محدود من ميسوري الحال والأغنياء ويأتي معظمه من إنكلترا عن طريق الهند.
وذكر أن الأغلبية على العموم كانوا يلبسون القماش القطني السميك ويرتدون البالطو لاتقاء برد الشتاء كما يرتدي البعض (الرايون) وهو صوف صناعي متوسط الثمن يصنع في أمريكا واليابان وكان سعر (وار) الرايون روبيتين و (وار) الصوف الإنجليزي عشر روبيات.
وبين أن من الأقمشة الصيفية الرجالية التي كانت مشهورة قديما (الجيت) وهو قماش قطني يجلب من الهند و(الاس) وهو حرير صناعي غالي الثمن يجلب من الصين يصل سعره إلى خمس روبيات للوار و(البافته) وهو من اليابان وتوجد منه أنواع منها (بوتفاحة) و(بوداب) مرسوم عليها صورة تمساح.
وأضاف أن من الاقمشة المعروفة قديما (البوبلين) الإنكليزي الذي يرتديه الأغنياء وخام (الململ) وهو خفيف جدا و(الكيمري) وكانت تستورد جميعها من الهند وهي ذات ألوان متقاربة تتراوح ما بين الأبيض والبيج والأصفر الفاتح.
وأوضح أنه في بداية القرن الماضي اشتهر نوع من القماش الأبيض الخفيف الذي كان يطلق عليه (ريزا) وهو مصنوع في الشام وكان يرتديه التجار وأما سعر (طاقة) الريزا أي ربطة قماش الريزا فكان أربع روبيات وكان عامة الناس يرتدون (الململ) و(المريكن) وهي أقمشة رخيصة الثمن.
وعن الأقمشة النسائية ذكر جمال أن من أهم أنواعها قماش (الكريب) و (الجيت) وهو قماش قطني مشجر و(الويل) و(نصف الويل) وهو قماش قطني خفيف ذو ألوان مختلفة قد تكون سادة أو مشجرة ويستخدم لخياطة (الدراريع) أي الفساتين الفضفاضة.
وأضاف أن هناك أيضا نوعا من القماش يدعى (الشيل) وآخر يسمى (الكريشة) وهو قماش خشن مكرمش و(الجلسة) و(الحبار) وهو قماش لماع يستخدم لخياطة الفساتين خصوصا للأعياد والمناسبات الأخرى كالأعراس.
وحول أسعار الاقمشة قديما قال الباحث جمال إن الأسعار كانت تتراوح بين 4 و 8 آنات للياردة (الوار) في فترة الثلاثينيات ثم ارتفعت فيما بعد لتصل إلى حوالي روبية واحدة للياردة وكان (الكريب) من أغلى أنواع الأقمشة.
وبين أن معظم الكويتيين قديما لم يكونوا من أصحاب الدخول الكبيرة مما جعل الأغلبية منهم لا يقبلون على شراء الأقمشة إلا عند الحاجة الملحة إليها وكانت الدشداشة وخصوصا الشتوية تبقى عند صاحبها سنوات طويلة.
وكانت أسعار القماش قد ارتفعت بصورة كبيرة إبان الحرب العالمية الثانية بعد أن قل عدد البواخر المتجهة إلى الخليج من الهند وخصوصا في بداية الأربعينيات مما أدى إلى ارتفاع أسعار بعض الأقمشة عشرات الأضعاف من 12 آنة للطاقة الواحدة إلى 120 روبية للطاقة حوالي 160 مرة في غضون أشهر قليلة.
ولهذا السبب زودت الحكومة آنذاك المواطنين بالأقمشة بأسعار مدعومة من خلال البطاقة التموينية واستمر ذلك إلى عام 1947 إذ كان يتم تسليم رب كل عائلة بطاقة يأخذها إلى دائرة التموين لشراء حاجته من الأقمشة الشتوية والصيفية له ولعائلته وتباع لكل شخص قطعتان من القماش شتاء ومثلهما صيفا.