تعتبر القرى السكنية التي تنشئها الجمعيات الخيرية الكويتية في الخارج من المبادرات الإنسانية الرائدة، والتي تسعى إلى توفير حياة كريمة للأسر الفقيرة والمحتاجة. تأتي هذه القرى لتقدم حلولاً شاملةً تشمل المسكن، والرعاية الصحية، والتعليم، بالإضافة إلى دعم سبل العيش. ومن الأمثلة البارزة على ذلك "قرية نماء الخيرية" التي أقامتها جمعية نماء الخيرية الكويتية في ساحل العاج. وتضم القرية بيوتًا للفقراء، ومستشفىً صغير، ومدرسة، وبئر مياه، ومسجد، لتلبي احتياجات المجتمع المحلي بشكل متكامل.
لم شمل الأسر
البيوت السكنية في قرية نماء الخيرية ليست مجرد مساكن، بل هي حياة جديدة للعائلات التي تعيش في ظروف قاسية. تهدف هذه البيوت إلى جمع شمل أفراد الأسر المتفرقة، حيث تضطر الكثير من الأسر الفقيرة للعيش في أماكن متفرقة لعدم وجود سكن خاص بهم، مما يعرض الأطفال والمراهقين لخطر التشرد والضياع. كذلك، توفر البيوت في القرية للأسر المتعففة بيئةً آمنة وملائمة للعيش، وتحفظ لهم كرامتهم بعيدًا عن البيوت غير الصالحة للسكن. وتستعين الجمعية بمكاتب هندسية معتمدة لضمان جودة البناء، بحيث تكون هذه البيوت متينة وتناسب طبيعة المنطقة.
الرعاية الصحية
يأتي المستوصف في قرية نماء ليغطي حاجة ماسة في الرعاية الصحية للمجتمع المحلي، الذي يفتقر إلى المرافق الصحية الضرورية. يتيح المستوصف لأهالي القرية والمتجمعين حولها الوصول إلى الخدمات الطبية الأساسية، ويقلل من معاناة التنقل إلى المدن البعيدة لتلقي العلاج. يتم تجهيز المستوصف بالأدوية الأساسية والأدوات الطبية التي تسهم في رعاية الحالات الطارئة، وتقديم الفحوصات والعلاج للأمراض الشائعة، مما يعزز من الصحة العامة للمجتمع ويقلل من معدلات الأمراض.
التعليم لبناء جيل جديد
المدرسة الموجودة في القرية ليست فقط صرحًا تعليميًا، بل هي وسيلة لبناء مستقبل مشرق للأطفال والشباب، حيث تحرص الجمعية على توفير التعليم الأساسي للأطفال في تلك المناطق النائية. تعتبر المدرسة في قرية نماء نافذة للتعلم والتطور، حيث تتيح للأطفال فرص التعلم والمعرفة التي تساعدهم على تحسين ظروفهم الحياتية مستقبلاً. وتعكس المدرسة أهمية التعليم كأداة للتغيير والتنمية المستدامة في المجتمعات الفقيرة.
حياة نظيفة وصحية
تعد آبار المياه في القرى الخيرية من أهم مكوناتها، حيث يفتقر سكان العديد من القرى في ساحل العاج إلى مصادر المياه النظيفة. يساهم بئر المياه في قرية نماء في توفير مياه صالحة للشرب والاستعمالات اليومية، مما يقلل من الأمراض المرتبطة بالمياه الملوثة ويخفف من الجهد المبذول في نقل المياه من المناطق البعيدة. يمثل هذا البئر مصدر حياة وصحة لأهالي القرية، ويعزز من استقرارهم واستقلالهم.
تعزيز الروابط الروحية
يوفر المسجد في القرية مكانًا للعبادة والتواصل الاجتماعي بين السكان. يجمع المسجد أهالي القرية لأداء الصلوات، ويعزز من الروابط الروحية والاجتماعية بينهم، فهو مكان لاجتماع المجتمع وتبادل الأخبار والتعاون. ويعتبر المسجد جزءًا من الرسالة الروحية التي تسعى الجمعية إلى غرسها، مما يحقق التآلف ويعزز من قيم التعاون والسلام بين الأهالي.
تهدف القرى السكنية التي تنشئها الجمعيات الخيرية، مثل قرية نماء، إلى توفير بيئة آمنة وشاملة تسد حاجات الأسر المحتاجة وتحقق كرامتهم. فمن خلال هذه القرى، يتم تمكين الأسر من العيش في ظروف لائقة، بعيدًا عن التشرد أو العيش في مساكن غير ملائمة، مما يحافظ على استقرارهم النفسي والاجتماعي. كما تحرص الجمعية على توظيف العمالة المحلية في مشروعات البناء لتحسين المستوى الاقتصادي لأهالي المنطقة، وبالتالي دعم المجتمع المستفيد اقتصاديًا.
عوامل نجاح المشروع
ترتكز هذه المشاريع على ثلاثة عناصر رئيسية: الرسالة، الحاجة، والدعم. إذ تأتي هذه المشاريع لتجسد رسالة بناء الإنسان وتنمية المجتمعات، وتلبية حاجة الفقراء الملحة إلى السكن الكريم، وتحظى بدعم سخي من المتبرعين الكرام الذين يساهمون من أجل إخراج الفقير من دائرة العوز إلى الاستقلال والاكتفاء.
تعد قرية نماء الخيرية نموذجًا مشرقًا للتعاون الإنساني والعمل الخيري الذي يتجاوز حدود العطاء التقليدي، ليشمل بناء حياة كريمة ومستقبل أفضل للفئات المحتاجة.
بقلم / عبدالعزيز الإبراهيم رئيس قطاع الاتصال