قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن مصرف سوريا المركزي نقل مبالغ نقدية تقدر بنحو 250 مليون دولار عبر رحلات جوية إلى روسيا خلال عامين، عندما كان الرئيس السابق بشار الأسد الذي فر إلى موسكو قبل أسبوع، مديناً للكرملين، مقابل الدعم العسكري، فيما كان أقاربه يشترون أصولاً «بشكل سري» في موسكو.

وسيطرت فصائل المعارضة السورية المسلحة على العاصمة دمشق، الأسبوع الماضي، إثر تقدم خاطف دفع الأسد للفرار إلى روسيا بعد حرب استمرت 13 عاماً، وإنهاء أكثر من 5 عقود من حكم عائلته.

وقالت الصحيفة، في تقرير، الأحد، إنها اطلعت على سجلات تُظهر أن نظام الأسد، الذي كان يعاني من نقص حاد في العملة الأجنبية، نقل عملات نقدية تزن ما يقرب من طنين من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار فنوكوفو في موسكو، ليتم إيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات الغربية خلال عامي 2018 و2019.

وأضافت الصحيفة أن هذه التحويلات «غير العادية» من دمشق تبرز كيف أصبحت روسيا، الحليف الرئيسي للأسد الذي قدَّم له الدعم العسكري لإطالة أمد حكمه، واحدة من أهم الوجهات لأموال سوريا بعد أن دفعتها العقوبات الغربية إلى الخروج من النظام المالي الدولي.

وأشارت الصحيفة إلى أن شحنات الأموال السورية المُرسَلة إلى موسكو تزامنت مع اعتماد دمشق على الدعم العسكري للكرملين، بما في ذلك من قبل مرتزقة مجموعة «فاجنر»، ودخول عائلة الأسد الممتدة في موجة شراء لعقارات فاخرة في موسكو.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى في الفترة بين عامي 2019 و2021، قوله إن «هذه التحويلات لم تكن مفاجئة، وذلك بالنظر إلى أن نظام الأسد كان يرسل الأموال بانتظام إلى الخارج لتأمين مكاسبه غير المشروعة».

وأضاف شينكر: «كان يتعين على النظام نقل أمواله إلى ملاذ آمن في الخارج حتى يتمكن من استخدامها لتوفير حياة فاخرة للنظام والدوائر المقربة منه».

بدوره، قال إياد حامد، وهو باحث في برنامج التنمية القانونية السوري، إن «روسيا كانت ملاذاً لأموال نظام الأسد على مدى سنوات»، مشيراً إلى أن «موسكو أصبحت مركزاً للتهرب من العقوبات الغربية التي فرضت على دمشق».

ووفقاً لـ«فاينانشيال تايمز»، فإن هروب الأسد إلى موسكو مع اقتراب فصائل المعارضة المسلحة من دمشق، أثار غضب بعض الموالين السابقين للنظام، الذين اعتبروا أن الأمر كان «دليلاً على أن مصلحة الرئيس السابق الشخصية كانت فوق أي اعتبار».

وذكرت الصحيفة أن علاقات سوريا بموسكو تعمقت بشكل كبير مع دعم المستشارين العسكريين الروس لجهود الأسد الحربية، وانخراط الشركات الروسية في توريد الفوسفات لدمشق، ناقلة عن مالك العبدة، وهو محلل سوري مقيم في لندن قوله: «يمكن أن تكون الدولة السورية قد دفعت لموسكو مقابل التدخل العسكري».

وتُظهر سجلات تجارية روسية من شركة import genius لبيانات الاستيراد، أنه في 13 مايو 2019، هبطت طائرة تحمل 10 ملايين دولار، من فئة 100 دولار، أرسلها مصرف سوريا المركزي، في مطار فنوكوفو بموسكو، وفي فبراير 2019، نقل البنك نحو 20 مليون يورو، من فئة 500 يورو، وبلغ عدد الرحلات الجوية 21 رحلة خلال الفترة بين مارس 2018 وسبتمبر 2019 تحمل قيمة مُعلَنة تزيد عن 250 مليون دولار.

ووفقاً للسجلات، التي بدأت في عام 2012، لم تحدث مثل هذه التحويلات النقدية بين مصرف سوريا المركزي، والبنوك الروسية قبل عام 2018.