لا نعرف ما الداعي لإنشاء هيئة مكافحة الفساد، هذه الهيئة التي أنشئت بمرسوم ضرورة في نوفمبر 2012، ثم تم تعديلها لتصبح تحت الإدارة الحكومية، لم تكشف أي حالة فساد، فبرغم إرسال أكثر من مئة بلاغ اليها، إلا أن مصيرها كان أدراج المسؤولين الكبار، فهل هي هيئة مكافحة الفساد أم هيئة تغطية الفساد؟
في الوقت الذي ارتفعت ردود الأفعال الشعبية على انتشار الفساد، تفتق ذهن الحكومة الرشيدة إلى امتصاص طلبات المعارضة بإنشاء هذه الهيئة وفق أسلوب الحكومة بإنشاء الهيئات التي ليس لها عمل سوى توزيع المناصب والتكتم على أخطاء الحكومة.
مكافحة الفساد تتطلب إنشاء جهة مستقلة تتبع مجلس الأمة أو أن يضاف اختصاص إلى ديوان المحاسبة للقيام بهذا الدور، على الرغم من أنه من مهام الديوان الرقابة السابقة واللاحقة، كما أن وزارة المالية تقوم بدور مشابه، إذا ما الحاجة إلى تفريخ أجهزة جديدة؟
أين هيئة الفساد من التعديات على المال العام في قضايا التحويلات والإيداعات والمشاريع التي أنشئت خارج وزارة الأشغال العامة والتي لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة ولا أي جهة، وتمت بأوامر تغييرية بأرقام فلكية!
كيف تراقب هيئة حكومية الحكومة؟ وهل تراقب الحكومة نفسها؟ وكم قضية حولتها الهيئة للنيابة؟ أكبر معالم الفساد في تأسيس هيكل الهيئة وتخصيص رواتب فلكية لكبار مسؤوليها، تزيد عن 10 آلاف ديناروكادر خاص لموظفيها بما يعادل رواتب أكبر البنوك التجارية، وقبول مجموعات محسوبة على رجال الهيئة دون إتاحة الفرصة للكفاءات والخبرات. والسؤال هنا.. من المسؤول عن إهدار المال العام على هيئة لم تعمل طيلة 4 سنوات؟!
الحكومة بها هيئات وأجهزة كثيرة ليس لها داع ومتداخلة مع أجهزة الدولة في الاختصاصات ومجالس لاسترضاء البعض ومستشارون «بالهبل»، هذا الأمر يحتاج إلى إصلاح ودراسة، وخاصة الآن في وقت الإصلاح الاقتصادي.