بقدر ماكان القرآن الكريم معجزا في فصاحته وبيانه ورسالته السماوية الشاملة والكاملة للإنسانية، بقدر ماحمّله الله سبحانه وتعالى إعجازا من نوع آخر لم تعرفه البشرية من قبل. إعجاز فتح القلوب أمام كتاب الله ونشرالآيات البينات شجية غضة مفعمة بالجلال والجمال.فأنت تقرأ القرآن فتخشع روحك فإذا ما استمعت إليه من قارئ حلو الصوت حلقت في ملكوت السماوات وامتلأت فرحا وسكنت كلمات الله في سويداء قلبك وكل ذلك بفضل «الإعجاز النغمي» الذي ميز الله به كتابه.
هي المرة الأولى التي يحتفي بها كتاب سماوي بالصوت الندي ويصفه كمعجزة ربانية:» فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ»الأنبياء 79
فداوود عليه السلام وهبه الله من الصوت ما لم يعطه أحداً، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتابه يقف الطير في الهواء، يُرجع بترجيعه، ويسبح بتسبيحه، وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه، وقال الأوزاعي: «أعطى داوود من حُسن الصوت ما لم يعط أحدا قط، حتى أن كان الطير والوحش ينعكف حوله، حتى يموت عطشاً وجوعاً، وحتى إن الأنهار لتقف».
وللمرة الأولى كذلك نرى نبيا من الأنبياء يحث أتباعه على التغني بكتاب الله، تقول عائشة رضي الله عنها: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال: ««لقد أوتي أبو موسى من مزامير آل داود»».
وقال صلوات الله وسلامه عليه: «تغنوا بالقرآن» و«ليس منا من لم يتغن بالقرآن» ومن هنا وعبر أكثر من 1435سنة تشكلت مدارس إسلامية للتلاوة قوامها أصوات سماوية خاشعة جميلة تقرأ القرآن منغما بشتى صور الأنغام، وتنافست تلك المدارس في تحبير أصواتها بآيات الله، فنشأت المدرسة المصرية الرائدة والمدرسة العراقية والمشرقية والمغربية وغيرها من المدارس القرآنية.
ومن بين مدارس التلاوة القرآنية تبرز المدرسة الكويتية التي تشكلت ملامحها ووضحت معالمها من خلال مجموعة رائعة من القراء: كان احدهم الشيخ  خالد السعيدي.
خالد بن سالم بن سعيد السعيدي (13 أكتوبر 1962) الأمين العام لمجلس الدولة العماني بسلطنة عمان و رئيس اللجنة التنفيذية لجميعة الصداقة العُمانية الصينية, شغل منصب الأمين العام لمجلس الدولة بتاريخ 22 فبراير 1998 , كما انه رئيس لجنة النظر في الطعون على قرارات الربط الضريبي منذو عام 2004م وحتى الان .
 

- من الرموز البارزة في قراءة القرآن الكريم في الكويت والعالم الإسلامي
- عضو في اللجنة العربية لتوحيد التشريعات المنبثقة عن مجلس وزراء العدل العرب
- ترأس العديد من المؤتمرات العربية والعالمية واللجان التخصصية
- صوت مميز يخرج من مقام ويدخل في مقام بدون أن يخل في المعنى

 
المؤهلات العلمية
حصل على ليسانس في القانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، بتقدير أمتياز ثم توجه إلى القاهرة و حصل على دبلوم دراسات قضائية، بالمركز القومي للدراسات القضائية بجمهورية مصر العربية، ثم دبلوم قانون عام،ثم ماجستير في القانون، جمهورية مصر العربية وكان البحث بعنوان: الوسائل غير القضائية في حل المنازعات التجارية “التحكيم والتوفيق والمصالحة”. ثم حصل على شهادة الدكتوراة من جامعة القاهرة وكان عنوان الرسالة “ الضوابط الدستورية للتجريم والعقاب والمحاكمة.
الخبرات العملية
قاضياً ثم نائباً لرئيس المحكمة الجزائية في الفترة من 11/11/1986م إلى 22/2/1998م.
عضواً في اللجنة العربية لتوحيد التشريعات المنبثقة عن مجلس وزراء العدل العرب، المشاركة في إعداد مجموعة من مشروعات القوانين العربية النموذجية.
أمينا عاماً لمجلس الدولة.  بموجب المرسوم السلطاني رقم 4/98 بتاريخ 22 فبراير 1998م ولا يزال على راس العمل.
رئيس لجنة النظر في الطعون على قرارات الربط الضريبي منذو عام 2004م وحتى تاريخه.
رئيس اللجنة التنفيذية لجميعة الصداقة العُمانية الصينية وأمين عام الجميعة.
النشاطات والمساهمات
ترأس والمشاركة في العديد من اللجان التي كلفت بإعداد مشروعات القوانين المختلفة في السلطنة.
درّس مادة مدخل القانون وضوابط التسبيب في الدورات التي أعدت لأعوان القضاء وممثلي الإدعاء العام بالسلطنة.
ترأس والمشاركة في العديد من المؤتمرات العربية والعالمية واللجان التخصصية .
القارئ خالد السعيدي يمتلك صوتا وقورا نديا يقودك إلى الخشوع والتأمل والتدبر في آيات الله.. ويرقى بك إلى السماء. حفظ الشيخ خالد السعيدي الذي وصل إلى العقد الخامس من العمر، القرآن الكريم كاملا منذ صغره، وتربى على يد مشايخ أدبوه وأشربوه كتاب الله حفظا وتجويدا وتلاوة. وتخرج من كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.
ثم عمل إماما وخطيبا في الأوقاف ومازال، وهو من رعيل قراء الكويت الأوائل الذين غرسوا أصول التلاوة الخاشعة من خلال إمامة الصلاة، والتي ورثها شباب قراء الكويت، وأصبحت أحد المعالم التي تميز المدرسة الكويتية في قراءة القرآن.
يقول القارئ خالد السعيدي: بارك الله في قراء الكويت جميعا، لكني أكبرهم سنا تقريبا، وبدأت قبلهم وخصوصا شباب القراء الحريصين على حفظ القرآن الكريم وعلى تحفيظه لغيرهم، ولهم مساجد معروفة، لكن هذه الأيام الجميع مشغول بالفضائيات والجرائد والمساجد وغيرها بشكل كبير جدا، فتجد الإنسان مشتتاً وصار القرآن أحد جوانب اهتمامات القارئ وليس كل اهتمامه، ودخلت القصائد والأناشيد التي تأخذ وقتا كبيرا من القارئ سواء في حجز الاستديوهات أو خدمات المحمول والأمور المادية والمعنوية. لكن رأيي الشخصي أن الذي عرف وشرف بكتاب الله لا ينصرف عنه لشيء آخر مهما كانت الضغوط. وكل المشايخ الكبار الذين تدمع أعيننا عندما نسمع تلاواتهم لم يعرف أن أحدهم أنشد بيتاً شعرياً واحداً. لذلك أرى أن قاريء القرآن لابد أن يتفرغ تماما لكتاب الله الذي يعلو ولا يعلو شيء عليه، وكما قال نبينا الكريم «اقرأ وارتق» ولم يقل: انشد وارتق، لأن منزلتك عند آخر آية تقرأها من القرآن.
وحول ما يميز صوت القارئ الكويتي عن غيره من القراء في العالم الإسلامي يقول السعيدي: الصوت الكويتي يشكل «مدرسة مختلطة» أخذت من كل بستان زهرة. فالقارئ الكويتي يستطيع القراءة على طريقة أهل مصر أو الحجاز أو الجزائر أو تونس أو السودان، ويتميز الصوت الكويتي كذلك بأنه ذكي، وبالأذن الصافية في الاستماع. المهم التنبيه على أن قارئ القرآن الكريم ليس مجرد صوت يتلو هذه الكلمات الموجودة في المصحف، فأنت قد تستمع إلى قاريء ليس جميل الصوت، ولكنك لا تستطيع أن تفارقه، لأنك تشعر بالخشوع والإخلاص في قراءته. وهذا الأمر يكون أحسن وأجمل إذا صدر عن قارئ صاحب صوت جميل وهذه هي القمة التي تميز القارئ الخاشع صاحب الصوت الندي.
وبالنسبة لرفض قراء الكويت والجزيرة العربية دراسة المقامات التي تضبط تلاواتهم يقول خالد السعيدي: والله يا أخي الحبيب لو سألت القراء والمشايخ الكبار في بلاد الشام ومصر وشمال أفريقيا من أي مقام تقرأ فلن يجيبك، لأنه قد لا يعلم أو لا يهتم. فالمقامات لها أسماء مثل: الرست والحجاز والبياتي والعراق وراحة الأرواح والكرد والعجم، ولكن القراء لم يدرسوا هذه المقامات دراسة علمية ليقرأوا بها القرآن، لماذا؟ لأن أهل الفن المحترمين تعلموا هذه المقامات وكيفية الانتقال من نغمة إلى نغمة من تلاوة القراء الذين يقرأون على هدى القرآن فتخرج المقامات على ألسنتهم مضبوطة ومستوفاة.
فقراء القرآن لم يتعلموا على أيدي الموسيقيين، ولكن العكس هو الصحيح. وهؤلاء القراء لم يعلموا أن هذه التلاوة من مقام رست أو صبا أو بياتي، وإنما تعلموها كما تعلمها الذين من قبلهم. وعموما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتطريب بالقرآن كما يفعل البعض، لكن ثمة إشكالية في فهم بعض إشكال التلاوة، فعندما تستمع إلى قارئ عراقي على سبيل المثال ستظن أنه يغني موالا نتيجة لتعودنا وتعود الصوت والحنجرة العراقية على المواويل، وكذلك لو استمعت إلى التلاوة المصرية فلربما ستظن أنه يغني أغنية، وكل ذلك نتيجة البيئة التي عاشوا فيها وشكلت أصواتهم وترنيماتهم. ولو استمعت إلى تلاوة أهل الجزيرة العربية قد تتصور أنها جافة بلا صعود أو هبوط أو تنغيم مع معاني الآيات.. وقد ينكر القارئ الذي نبت في صحراء الجزيرة العربية تلاوة العراقيين أو المصريين إنكارا شديدا نظرا لاتساعها في الأنغام. ولذلك فلا بد من فهم واستيعاب أن كل قارئ للقرآن هو ابن بيئته التي نشأ فيها والفيصل ألا نطرب بالقرآن وإنما نخشع به، كي يقود المستمع إلى العمل بما جاء في كتاب الله.
الشيخ خالد السعيدي  صوت مميز يخرج من مقام ويدخل في مقام ويرفع طبقات الصوت ويخفض الطبقات ويقف عند الآيات بدون يخل في المعنى ثم يرجع من بدايتها مع تغير طبقت الصوت يخفض الصوت تظن أنه سوف يكبر ويركع ثم يرفع مع مقام ثاني وينشط المصلين. من الجهراء أتى إلى المسجد الكبير مزداناً بصوته العذب قبل 28 عاماً، وحاملاً ابتسامته العريضة التي لم تفارقه إلى أن أذن له الله بالرحيل.
وغادر القارئ الشيخ خالد غريب السعيدي إمام مسجد أبوبكر الصديق في منطقة سعد العبدالله دنيانا، مخلفاً وراءه حزناً خيّم على الجهراء وأهلها وامتد لربوع الكويت، بعد أن شنف أذان المصلين في المسجد الكبير لسنوات بتلاوات رمضانية ما زال الكثيرون يستمتعون بها.
وكان السعيدي أمّ المصلين في صلاة العشاء، مساء أمس، في مسجد أبوبكر الصديق، قبل أن يجلس في مكتبة المسجد، ويشعر بالتعب وينقل إلى المستشفى، حيث فارق الحياة.
لم يحل المرض بين الراحل أبو ضاري ومساعيه لتقديم المساعدات للمحتاجين داخل وخارج الكويت، فكان يحرص على أن يتأكد بنفسه بأنها تصل للمستحقين.
اشتهر السعيدي بأنه كان دائم الحث على التفاؤل وانشراح الصدر، فضلاً عن كونه كان محبوباً من الكبار والصغار الذين تهافتوا على صلاة التهجد خلفه في المسجد الكبير في رمضان لأكثر من عقدين بدأها في العام 1995.
ونعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الراحل.
ونقل المتحدث الرسمي للوزارة سلمان الكندري في تصريح صحافي تعازي ومواساة وزير الإعلام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبدالرحمن المطيري لأسرة الفقيد وللشعب الكويتي سائلاً المولى عز وجل أن يسكنه أعالي الجنان.
وقال الكندري إن الفقيد يعتبر من الرموز البارزة في قراءة القرآن الكريم في الكويت وفي العالم الإسلامي قراءة وترتيلاً بصوت عذب لامس قلوب المصلين في مسجد الدولة الكبير وعدد من المساجد في البلاد، علاوة على دروسه ومواعظه المؤثرة، داعياً الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويلهم أسرته وذويه الصبر والسلوان.
كما نعاه عدد كبير من الدعاة والمحبين بعد أن خلّف رحيله حزناً في قلوبهم، وفي هذا الصدد قال الداعية الدكتور محمد ضاوي العصيمي «نعمة الشهرة هذه.. لم تكن شهرته في قبائح الأمور وسفاسف الأشياء وتوافه الكلمات، بل كانت مع القرآن الكريم تلاوة وإمامة، فكانت النتيجة أن قيض الله ألسنة داعية وأعيناً باكية وثناء من شهداء الله في الأرض لا يتوقف».
ووصف القارئ مشاري راشد العفاسي الراحل بأنه «أحد رموز القراءة والعمل الخيري، الذي كان يتضرّع إلى الله بالدعاء للمسلمين فتخشع معه القلوب فلا تنسوه بالدعاء».
السعيدي... أربعٌ وأربع
كان الراحل كثيراً ما يردد مقولة «أربعة أشياء تزيد وضاءة الوجه وبهجته التقوى والوفاء والكرم والمروءة، وأربعة أشياء تهدم البدن الهم والحزن والجوع والسهر».