حينما نتطرق إلى قصص القرآن الكريم نستذكر الحوادث الواقعة وأحوال الأمم الماضية والنبوات السابقة كما أخبرنا بها الله في كتابه العزيز، فقد اشتمل القرآن على كثير من وقائع الماضي وذكر البلاد والديار وتتبع آثار كل قوم وحكى صورة ناطقة لما كان يدور في هذه العصور، والمغزى من ذلك قوة التأثير في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق، فهناك قصص عرضت بالكامل في سورة واحدة وأخرى عرض جزء منها في سورة والآخر في سورة أخرى.
 فقد بين الله لنا أصول الدين المشتركة بين جميع الأنبياء. فهذه القصص ليست مفتراة بدليل وجود أمثالها بين الناس، ففيها الحكم والعبر ونستفيد منها الكثير.
وبعد ما ذكرناه، نترككم كي تعايشوا هذا الجو القصصي في حلقات رمضانية متتالية، سيتم نشرها تباعا لكي نستفيد من مغزاها والدروس المستفادة منها، وتكون خير معين لنا في فهم ديننا وإيصاله للناس بالصورة الصحيحة وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى إنه نعم المولى ونعم النصير.

- الأرضة مهندس عجيب بعضها تتخذ لنفسها بيتاً مربعاً من العيدان الدقيقة
- حشرة أصغر من النمل منها ما يتغذى على الخشب والورق والثمار ونحوها
- ثمّة الكثير من الأحاديث الشريفة عن رسول الله ورد فيها ذكر هذه الدابة

عندما تبدأ شمسُ الدنيا بالأُفول، ويأذن الله لها بالرحيل، تتسابقُ العلامات البيّنة الدالة على قُرب النهاية واقتراب الآخرة، وتُسمّى عند علماء أهل الإسلام: “أشراط الساعة”، ومن بين تلك العلامات الكبيرة والمؤثّرة، خروج مخلوقٍ غيبيٌّ لا نعلم الكثير من أوصافه، سوى ما جاءت تسميته في النصوص الصحيحة”دابّةٌ من الأرض”.
وكما هو شأنُ المعتقدات جميعاً، والمأخوذة من اسمها: “عقيدة”، كان لابد من تثبيت الاعتقاد بصحّة خروج هذه الدابّة بنصوصٍ صحيحةٍ لا مجال لإنكارِها، حتى يصحّ اعتبارُها حقيقةً شرعيّة يلزمُ الإيمان بها والتصديق، خصوصاً وأن العقائد أخبارٌ، والأخبار لا تُثبت إلا بالدلائل الصحيحة الشرعيّة.
ولنا وقفة مع بعض النصوص التي ورد فيها ذكرُ دابّة الأرض، ودلالات تلك النصوص الاعتباريّة المشيرةِ إليها كشرطٍ من أشراط الساعة وعلاماتها.
الدابة كل ما يدب على الأرض، ودابة الأرض، هي الأَرَضة، وقد ذكرها الله في القرآن الكريم في قصة سليمان عليه السلام، وذكرت في السنة تأييداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والأَرَضة حشرة صغيرة أصغر من النمل ذات أنواع كثيرة، منها ما يتغذى على أكل الخشب والجلد والورق والكتب والثمار ونحوها، تهاجم التربة والصخور والخرسانات، وجهازها الهضمي له قدرة على هضم هذه المواد، إنها مخلوق عجيب له قانونه ومجتمعه المنظم، ذو وظائف نافعة تخلص من كثير من البقايا والنفايات، وتزيد في خصوبة الأرض، وذو وظائف مهلكة مدمرة.
صناعة التابوت
والأرضة مهندس عجيب بعضها تتخذ لنفسها بيتاً مربعاً من العيدان الدقيقة تضم بعضها إلى بعض بلعابها تصنعها على مثال التابوت مفتوح من إحدى جهاته الأربع، ثم تدخل فيه وتموت، ومنها تعلَّم الأوائل كيف يصنعون التوابيت للموتى، وهي بخلاف الدابة التي تخرج من الأرض، ويكون خروجها علامة من علامات الساعة الكبرى، في قوله تعالى: (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) هي حيوان من حيوانات الأرض، يقال إنه فصيل ناقة صالح ويقال غير ذلك، والله أعلم. ذكر الله تعالى الأرضة (دابة الأرض) في القرآن بوظيفتها، وصحَّحَ اللهُ بها اعتقاداً كان قد انتشر في الناس، والله لا يستحي أن يضرب المثل في كتابه بأدق الأشياء وأهونها في نظر الناس فما خلق شئياً عبثاً، وما خلق شيئاً إلا وهو يحتوي على شواهد مبهرة على القدرة والحكمة الإلهية، (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) فسبحان الله الخلاق العلي.
دليل القرآن الكريم
جاءت الإشارة إلى هذه العلامة في آية واحدةٍ في القرآن أشارت بوضوح إليها وبيّنت الوقت التقريبي لحدوثها، وذلك في سورة النمل، حيث يقول الله جلّ جلالُه: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} (النمل:82).
بيّن المفسّرون في سياق كلامهم عن الآية الكريمة علاقتها بشرط خروج الدابة، وذكروا أن معنى الآية: وإذا أراد الله أن ينفذ في الكافرين سابق علمه لهم من العذاب أخرج لهم دابة من الأرض، وذلك حين ينقطع الخير، ولا يُؤمر بمعروف، ولا يُنهى عن منكر، ولا يبقى منيبٌ ولا تائب، بعد بموت العلماء، وذهاب العلم، ورفع القرآن، كما قال تعالى لنوح عليه السلام بعد طول الزمان، ومقاساة الشدائد والأحزان: {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} (هود:36).
يقول نجم الدين الطوفي في سياق شرحه لآية النمل: “هذه من غائبات القرآن الواجب وقوعها، ومن معجزات النبي –صلى الله عليه وسلم- وإخباره بالغائبات، التي لابد من وجودها”.
وقال ابن جزّي: “ إذا حان وقت عذابهم الذي تضمنه القول الأزلي من الله في ذلك وهو قضاؤه”.
ثم إن خروج الدابّة ومغايرَتها لحال الحيوانات من خلال حديثِها مع الناس حقيقٌ أن يجعلها من آيات الله الكبرى، ومن (البعض) الذي قال الله فيه: {هل ينظرون إلا أن تاتيهم الملائكة أو ياتي ربك أو ياتي بعض آيات ربك يوم ياتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (الأنعام:158).
الأدلة من السنّة
ثمّة الكثير من الأحاديث الشريفة الثابتة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، والتي ورد فيها ذكر هذه الدابة:
منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم أو أمر العامة) رواه مسلم.
والمعنى كما ذكر القاضي عياض: “أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات؛ فإنها إذا نزلت أدهشت، وأشغلت عن الأعمال، أو سد عليهم باب التوبة، وقبول العمل”.
وعنه رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض) رواه مسلم.
وعن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في غرفة ونحن أسفل منه، فاطّلع إلينا، فقال: (ما تذكرون؟) “ قلنا: الساعة، قال: (إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن) رواه مسلم.
ومن الأدلّة على كونِها من علامات الساعة الكبرى، حديث عبد الله بن عمرو، قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا لم أنسه بعد، سمعته يقول: (إن أول الآيات خروجا، طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريبا) رواه مسلم.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: (تخرج الدابة فتَسِمُ الناس على خراطيمهم، ثم يغمرون فيكم، حتى يشتري الرجل البعير فيقول: ممن اشتريته؟ فيقول: اشتريته من أحد المخطّمين) رواه أحمد، والخراطيم: الأنوف، والمخطّمين: الذين تمّ وسمُهم في أنوفهم.
فهذه الدلائل الواضحات على أن خروج دابة الأرض ليس مجازاً من القول، ولا تهويلاً من الأخبار، فيجب الإيمان بها؛لأنا نعلم أنه حق وصدق، وإن لم نطلع على حقيقة معناه.
المعتقدات الإسلامية
في المعتقدات الإسلامية، الدابة أو دابة الأرض هي من علامات الساعة الكبرى تخرج آخر الزمان قبل يوم القيامة، وهي مذكورة في القرآن وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ سورة النمل الآية 82. ويعتقد أنها ستكون حيوانا يخرج من الحرم المكي ويجترح خوارق، تنوعت بين مخاطبة البشر ووسم وجوههم.
فصيلتها من الدواب
قال القرطبي: الأصل الأول : أنها من فصيلة ناقة صالح. القول الثاني : أنها الجساسة المذكورة في حديث تميم الداري في قصة الدجال. وهذا القول منسوب إلى عبد الله بن عمر. القول الثالث : أنها الثعبان المشرف على جدار الكعبة التي اقتلعتها العقاب حين أرادت قريش بناء الكعبة. وهذا القول نسبه القرطبي إلى ابن عباس رضي الله عنهما منقول من كتاب النقاش ولم يذكر له مستندا في ذلك وذكره الشوكاني في تفسيره.
القول الرابع : أن الدابة إنسان متكلم يناظر أهل البدع والكفر ويجادلهم، لينقطعوا، فيهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. وهذا القول ذكره القرطبي، ورده بأن الدابة لو كانت إنسانا يناظر المبتدعة لم تكن الدابة آية خارقة وعلامة من علامات الساعة الكبرى.
عملها
إذا خرجت هذه الدابة العظيمة، فإنها تسم المؤمن والكافر, فأما المؤمن، فإنها تسم جبينه فيضيء، ويكون ذلك علامة على إيمانه, وأما الكافر فإنها تسمه على أنفه فيظلم، علامة على كفره.
وجاء في الآية الكريمة قوله تعالى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ. سورة النمل الآية 82، وفي معنى هذا التكليم اختلفت أقوال المفسرين على أقوال:
القول الأول : أن المراد تكلمهم كلاما: أي تخاطبهم مخاطبة، ويدل على ذلك قراءة أبي بن كعب ( تنبئهم ).
القول الثاني : تجرحهم، ويؤيد ذلك قراءة ( تَكْلمهم ) بفتح التاء وسكون الكاف، من الكلم، وهو الجرح وهذه القراءة مروية عن ابن عباس أي : تسمهم وسما، وهذا القول يشهد له حديث أبي أمامة السابق ( تخرج الدابة ، فتسم الناس على خراطيمهم ).
وروي عن ابن عباس أنه قال : ( كلاً تفعل ) أي المخاطبة والوسم. وقال ابن كثير ( وهو قول حسن ولا منافاة والله أعلم ).
وأما الكلام الذي تخاطبهم به فهو قولها ( إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) وهذا على قراءة من قرأها بفتح همزة ( أن ) أي تخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون، وهذه قراءة الكوفة وبعض أهل البصرة. وأما قراءة عامة قراء الحجاز والبصرة والشام فبكسر همزة ( إن ) على الإستئناف ويكون المعنى : تكلمهم بما يسوؤهم أو ببطلان الأديان سوى الإسلام.
وقت خروجها
قال ابن كثير: هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق.[3]وهي من أول علامات الساعة خروجًا. قال النبي : “ إن أول الآيات خروجاً: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى. وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها.”
في علم الله
فلا نعلم أن من علامات الساعة خروج بغلة وإنما خروج دابة، لقوله سبحانه وتعالى (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) [النمل:82]. 
قال ابن كثير: هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض، قيل: من مكة، وقيل: من غيرها... فتكلم الناس على ذلك. 
وأخرج مسلم وأحمد وأصحاب السنن عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: “أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السّاعَةَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “لاتَقُومُ السّاعَةُ حَتّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَالدّابّةُ وَثَلاَثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٍ بالمَشْرِقِ وَخَسْفٍ بالمَغْرِبِ وَخَسْفٍ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النّاسَ أَوْ تَحْشُرُ النّاسَ فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا”. 
وروى مسلم والترمذي وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض.” 
وروى مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ إن أول الآيات خروجاً: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى. وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها.” 
ولا نعلم أن هذه الدابة تكون على صورة البغل، وليس في وصفها حديث مرفوع نعلمه؛ وإن وردت في ذلك آثار عن السلف: 
فعن ابن أبي حاتم أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: إن الدابة فيها من كل لون، ما بين قرنيها فرسخ للراكب. 
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هي مثل الحربة الضخمة. 
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إنها دابة لها ريش وزغب وحافر، وما لها ذنب، ولها لحية. 
وعن ابن الزبير رضي الله عنه أنه قال: رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصلين اثنا عشر ذراعاً، تخرج معها عصا موسى، وخاتم سليمان، فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه نكتة  بيضاء فتفشو فى وجهه حتى يبيض وجهه  ولا كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة السوداء حتى يسود لها وجهه، حتى إن الناس ليتبايعون في الأسواق بكم ذا يا مؤمن؟ بكم ذا يا كافر؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم فيعرفون مؤمنهم من كافرهم، ثم تقول له الدابة: يا فلان أبشر أنت من أهل الجنة، ويا فلان أنت من أهل النار، فذلك قول الله تعالى (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ) [النمل:82] .
الأرضة في السنة
ذكرت الأرضة في السنة نُصرةً وتأييداً لسيد الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أكلت صحيفة المقاطعة الجائرة اتفقت عليها قريش في مقاطعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب فكتبوا فيها أن لا ينكحوهم ولا ينكحوا إليهم، ولا يبايعوهم ولا يبتاعوا منهم، وقد استمرت المقاطعة مدة ثلاث سنوات، أقام فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأهله وبعض أصحابه محاصرين في شعب أبي طالب، حتى جهدوا جهداً شديداً، وعلقت قريش هذه الصحيفة في جوف الكعبة، فجاءت الأرضة بعد مدة فأكلت كل بنود المقاطعة، إلا قولهم:«بسمك اللهم» فأخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك عمه أبا طالب، فأخبر قريشاً بذلك، وأتت قريش بالصحيفة فوجدوها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعلموا جورهم وفكوا الحصار.
فهذه هي الأرضة خَلق عجيب، وجند من جنود الله، جاءت في قصة نبيين كريمين (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ).