- تعفن الدماغ .. تدهور عقلي ونفسي ناتج عن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل 
- يُفضل تجنب المنع المطلق أو السماح الكامل واعتماد نهج معتدل يُراعي ظروف العصر واحتياجات الطفل

قالت أخصائية العلاج الوظيفي د.فاطمة الشمالي أن الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية يؤدي إلى زيادة معدلات القلق والاكتئاب، فضلًا عن الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الأطفال والمراهقين الذين يقضون أكثر من 4-6 ساعات يومياً أمام الشاشات يواجهون أضراراً جسدية مثل السمنة وضعف النظر واضطرابات النوم، بالإضافة إلى أضرار نفسية تشمل انخفاض الثقة بالنفس ومهارات التواصل الاجتماعي.   
 
وذكرت الدكتورة فاطمة الشمالي، في بيان صحافي، أن مصطلح (تعفن الدماغ) يشير إلى التدهور العقلي والنفسي الذي قد يعاني منه الأفراد نتيجة الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، واستهلاك محتوى ترفيهي غير ذي قيمة، موضحة أن هذا المصطلح، الذي تم إدراجه ضمن التصنيف الدولي للأمراض خلال عام 2018، يعكس التأثيرات السلبية للإدمان الرقمي، حيث بدأت الجمعية الأمريكية للطب النفسي بدراسة هذه الظاهرة منذ عام 2013 وتحليل آثارها على الأفراد، لا سيما الأطفال والمراهقين. 
 
 
 وحذرت الشمالي من الآثار السلوكية للإفراط في استخدام الإنترنت، مثل التهيج والغضب عند محاولة تقليل وقت الشاشة، فضلًا عن ظهور علامات الإدمان الإلكتروني، مؤكدة على أن هذه الممارسات تؤدي إلى مشكلات أكاديمية نتيجة ضعف التركيز والتشتت، مما يؤثر على الأداء الدراسي، كما أن المقارنة المستمرة بالحياة المثالية التي تُعرض على الإنترنت تزيد من معدلات الغيرة وتقلل من الامتنان، مما ينعكس سلباً على العلاقة بين الآباء والأبناء. 
 
 
 وفيما يتعلق بدور الأسرة في مواجهة هذه المشكلة، شددت الدكتورة الشمالي على أهمية اتخاذ خطوات عملية للحد من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، ودعت الوالدين إلى تحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة لا يتجاوز ساعتين يومياً، وتشجيع الأطفال على الانخراط في أنشطة بديلة مثل الرياضة والقراءة أو المشاركة في الأنشطة الجماعية، كما أكدت على ضرورة تقديم القدوة الحسنة من خلال تقليل استخدام الأجهزة أمام الأطفال، فضلًا عن مراقبة المحتوى الذي يتعرضون له باستخدام أدوات الرقابة الأبوية. 
 
 
 وأوضحت الشمالي أن الكشف المبكر عن المشكلات المرتبطة بالإدمان الرقمي يمكن أن يساعد في تقليل أضرارها، ولفتت إلى ضرورة مراقبة أي تغيرات في سلوك الطفل أو المراهق، مثل انخفاض الأداء الدراسي أو العزلة الاجتماعية، والتواصل معه بهدوء لفهم احتياجاته ومخاوفه، كما أوصت بإعادة تنظيم الروتين اليومي للأطفال لتشمل أوقاتاً مخصصة للأنشطة البدنية والاجتماعية بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية. 
 
 
 وأكدت على أهمية التواصل بين الأهل والأبناء، وفهم اهتمامات الجيل الجديد من خلال تجربة ما يحبونه، مثل الألعاب الإلكترونية، لتقريب وجهات النظر وتعزيز الروابط الأسرية، كما دعت إلى الاستفادة من الدراسات الحديثة لفهم التحديات التي يواجهها الجيل الجديد، والعمل على تقديم حلول عملية قابلة للتطبيق في الحياة اليومية.
 
 
وقدمت الشمالي مجموعة من التوصيات يمكن للوالدين اتباعها لتقليل تأثير التكنولوجيا السلبي وتعزيز العلاقة الأسرية، ومن أبرز هذه التوصيات إنشاء “مناطق خالية من التكنولوجيا” مثل غرف النوم أو أوقات تناول الطعام، إلى جانب تخصيص أوقات للأنشطة الجماعية كالألعاب أو الرحلات بدون استخدام الأجهزة، كما يُنصح بتعليم الأبناء مهارات إدارة الوقت وتحديد الأولويات، مع استخدام أدوات مثل التطبيقات أو الجداول لمتابعة استخدامهم للإنترنت أو وقت اللعب والدراسة، إضافة إلى ذلك، من المهم تثقيف الأطفال منذ سن مبكرة حول مخاطر الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية على صحتهم الجسدية والنفسية.
 
 
وشددت  على أهمية تحقيق التوازن، حيث يُفضل تجنب المنع المطلق أو السماح الكامل، بل اعتماد نهج معتدل يُراعي ظروف العصر واحتياجات الطفل.
، كما يُنبه المختصون إلى تأثير ضغط الأقران، ما يتطلب من الأهل تقديم بدائل جذابة تقلل من تعلق الطفل بالتكنولوجيا، مع التواصل لفهم اهتماماته ومشاركته أحياناً في الأنشطة الرقمية لفهم طبيعتها وإيجاد قنوات للحوار.