بعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود على العدوان العراقي الظالم والذي لم يعش تفاصيله معظم الشعب الكويتي، حيث كان جزء كبير منهم صغارا بالسن او لم يولدوا بعد، علينا أن نستذكر البشاعة التي مارسها الغزاة والمظاهر الايجابية التي قام بها أهلنا الصامدون ومن كانوا خارج البلاد، ومن أخرجتهم الظروف القاسية لنأخذ الدروس والعبر لإدارة حاضرنا ورسم مستقبلنا.
كانت مقاومة الشعب الكويتي ملحمة يجب على التاريخ أن يخلدها فقد تمثلت بالمقاومة المسلحة التي أوقعت من الجيش المعتدي خسائر فادحة من القتلى والجرحى وخسائر مادية وحق لها الشرف في استشهاد ما يزيد عن ألف شهيد كانوا عنوانا للبطولة والتضحية و مثلوا الوحدة الوطنية بصورتها الناصعة و ضمتهم ارض الكويت في قبور جماعية بجميع اطيافهم، فأصبحوا رموزا للوحدة الوطنية.
لم تقف صور الوحدة عند من سقط من الشهداء بل امتدت إلى كافة صور المقاومة المدنية والتي شهدها بعض ابناء هذا الوطن.
حيث كانوا يعايشون الموت يوميا و من يخرج من بيته لا يضمن ان يعود، و لكن من اجل الوطن تهون الحياة، فكان الكويتيون يعملون في جميع مناحي الحياة وكل المهن بكل اطيافهم من اجل تثبيت الناس وحماية الأرواح ودعم الصمود من اجل الوطن، فكانوا كتلة واحدة حققت الوحدة الوطنية في أنصع صورها.
يجب ألا تنسينا الأحداث المتسارعة من حولنا تلك المرحلة الخالدة التي حققها شعبنا، حيث مارس العصيان المدني و لم يستطع المحتل ان يجد من يتعاون معه، فقاوم الشعب بكل أطيافه يجمعهم حب الوطن والتمسك بشرعيته، فأداروا البلاد وامنوا الكهرباء والماء والتموين ونظموا حراسات ليلية لحماية الناس وأداروا الجمعيات التعاونية والمستشفيات ونقلوا، أجلكم الله،
الزبالة وقاموا بتشغيل ا المخابز فكانوا كخلية نحل تعمل بتنسيق من اجل الوطن.
ومما يؤسف له بعد ان من الله علينا بالتحرير والتمكين وعاد الجميع، بدأت ايدي البعض بالعبث في الصورة الجميلة للوحدة الوطنية التي حققها أبناء الوطن من اجل مصالح ضيقة، بالنفخ بالطائفية و القبلية، فعاد التجافي وتأثر البعض، وأصبحنا اشلاء ممزقة نتصارع و نتراشق على قضايا مفتعلة يمكن حلحلتها بيسر، واليوم وبسبب ما يدور حولنا من أحداث سياسية وامنية واقتصادية ما أحوجنا أن نستعيد تجربة فترة العدوان، ونعيد حساباتنا بأننا أبناء وطن واحد وهبه الله لنا جميعا ومن علينا بالخير و النعم التي لا تحصى، فهو يكفينا وأجيالنا لنحقق فيه الوحدة الوطنية بالتعايش في اطار القانون والعدالة، وان نتضامن جميعا ضد من يريدون العبث بأمننا ومقدراتنا وان نستعد لأسوأ الظروف وليكون شعارنا الوطن فوق الجميع.