أكد رئيس قطاع المشاريع والتنمية في نماء الخيرية وليد البسام أن للمنظمات الإنسانية دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة، حيث تمثل جسرًا يربط بين المجتمعات المحتاجة والموارد المتاحة لتحقيق التغيير الإيجابي مؤكداً على أن نماء الخيرية حرصت على بناء شراكات استراتيجية مع جهات محلية ودولية لتعزيز أثر مشاريعها وتحقيق أهدافها التنموية
وأضاف البسام أن العمل التنموي الذي تنتهجه نماء الخيرية يعكس تحولًا مهمًا في نهج العمل الخيري، حيث لم يعد يقتصر على تقديم المساعدات العاجلة، بل أصبح يركز على إحداث تغيير جذري في حياة المستفيدين وتتطرق البسام الى العديد من القضايا الأخرى في حوار إلى تفاصيله:
< نماء الخيرية تتجه نحو العمل التنموي لتحقيق رسالتها في الاهتمام بالإنسان، ما الذي دفعها لهذا التوجه؟
- لطالما ارتبط العمل الخيري بالمساعدات العاجلة والإغاثة السريعة، إلا أن نماء الخيرية أدركت أن النهج الاستهلاكي لهذا النوع من الدعم لا يحقق تغييرًا حقيقيًا في حياة المستفيدين، لهذا السبب، قررنا أن نأخذ خطوة أبعد نحو التنمية المستدامة، بحيث لا تقتصر مساعداتنا على تلبية الحاجة اللحظية، بل تمتد إلى تمكين الأفراد والمجتمعات لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس.
جاء هذا التوجه بعد دراسة معمقة لواقع العمل الإنساني والتحديات التي تواجهه، حيث لاحظنا أن الفقر والاحتياج لا يمكن القضاء عليهما بالمساعدات المؤقتة فقط، بل يتطلب الأمر استراتيجيات طويلة الأمد تركز على تحسين الظروف المعيشية للأفراد وتأهيلهم لسوق العمل، ولهذا السبب، وضعنا رؤية واضحة تجعل التنمية في قلب مشاريعنا الإنسانية.
بدأنا بتطوير برامج تعليمية ومهنية تهدف إلى تزويد المستفيدين بالمهارات العملية التي تمكنهم من تحقيق دخل مستدام، فقد أطلقنا برامج التعليم الحرفي بالشراكة مع أكاديمية الحرف بجمعية المعلمين الكويتية، بالإضافة إلى دعمنا المستمر للتعليم الجامعي والمدرسي، كما دخلنا في شراكات مع جهات دولية مثل مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لضمان توفير فرص تعليمية متكاملة لمن هم بحاجة إليها.
إلى جانب ذلك، توجهنا نحو مشاريع الكسب الحلال، التي تمنح الأسر المحتاجة مشاريع صغيرة تساعدها على تحسين مستوى معيشتها بدلاً من الاعتماد على المساعدات الدائمة، كما أنشأنا دورًا للأيتام في الأردن توفر لهم بيئة متكاملة تضمن لهم الحياة الكريمة والتعليم والرعاية الشاملة، هذه المشاريع ليست مجرد مبادرات خيرية، بل هي أدوات حقيقية لصناعة مستقبل أفضل للأسر المتعففة.
< ما أهمية الدور التنموي للمنظمات الإنسانية في تحقيق التنمية المستدامة؟
- تلعب المنظمات الإنسانية دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة، حيث تمثل جسرًا يربط بين المجتمعات المحتاجة والموارد المتاحة لتحقيق التغيير الإيجابي. العمل التنموي ليس مجرد تقديم خدمات، بل هو عملية متكاملة تتطلب مشاركة جميع الجهات الفاعلة، من حكومات ومؤسسات وأفراد، للوصول إلى حلول مستدامة تساهم في تحسين حياة الفئات الأكثر احتياجًا.
أحد أهم الجوانب التي تعزز أهمية الدور التنموي للمنظمات الإنسانية هو قربها من الفئات المستفيدة، مما يمنحها القدرة على تحديد احتياجاتها الفعلية والعمل على تلبيتها بطرق تتناسب مع بيئتها وثقافتها، نحن في نماء الخيرية نحرص على تصميم مشاريع تنموية تتماشى مع طبيعة المجتمعات التي نخدمها، سواء كانت زراعية أو صناعية أو خدمية، وذلك لضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المشاريع.
كما أن الشراكات التي تعقدها المنظمات الإنسانية تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز التنمية، حيث إن تعدد مصادر التمويل والاستفادة من خبرات المؤسسات المختلفة يساهمان في تقديم مشاريع أكثر كفاءة واستدامة، من هنا، جاءت شراكات نماء الخيرية مع الأمانة العامة للأوقاف والصندوق الوقفي للتنمية الصحية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهي شراكات تهدف إلى تقديم حلول تنموية متكاملة.
علاوة على ذلك، يساعد العمل التنموي في تقليل الفجوة بين الفئات المجتمعية من خلال تمكين الفقراء وتأهيلهم لمستقبل أفضل، وهو ما يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المجتمعات التي نعمل فيها، التنمية ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لضمان مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة.
< ما هي مجالات تحقيق التنمية في العمل الإنساني من خلال مشاريع نماء الخيرية؟
- تسعى نماء الخيرية إلى تحقيق التنمية عبر مجالات متعددة، تبدأ من الفرد وتمتد لتشمل الأسرة والمجتمع بأكمله، فنحن نؤمن بأن التنمية تبدأ عندما يتم تمكين الأفراد ليكونوا عناصر فاعلة في مجتمعهم، ولهذا صممنا مشاريع تركز على التعليم والتدريب والتأهيل المهني لمساعدتهم على بناء مستقبلهم بأيديهم.
على مستوى الأفراد، نحرص على تقديم الرعاية والدعم لكل شخص وفق احتياجاته الخاصة، سواء من خلال تقديم منح دراسية، أو برامج تدريبية، أو مشاريع تشغيلية تساعده على تحقيق الاكتفاء الذاتي. هذه البرامج تسهم في تحويل المستفيدين من متلقين للمساعدات إلى أفراد منتجين قادرين على تحسين حياتهم بأنفسهم.
أما على مستوى الأسر، فنحن ندرك أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمعات، ولهذا نعمل على تقديم مشاريع تهدف إلى تحسين وضعها الاقتصادي والاجتماعي. برامج مثل مشاريع الكسب الحلال وكفالة الأسر المتعففة تتيح لهذه الأسر فرصًا حقيقية للخروج من دائرة الفقر، مما يعزز استقرارها ويضمن لها حياة كريمة.
وعلى المستوى المجتمعي، نركز على إطلاق مبادرات تنموية شاملة تعزز من قدرة المجتمع على تحقيق الاستدامة، مشاريع مثل “مجمع نماء التنموي”، الذي يضم مدرسة، ومستشفى، وبئر مياه، ومسجد، ودارًا للأيتام، تهدف إلى توفير بيئة متكاملة تلبي احتياجات المجتمع المحلي، وتساعد على تحقيق نهضة تنموية حقيقية.
< ما أبرز الشراكات التي عقدتها نماء الخيرية لتعزيز العمل التنموي؟
- إيمانًا منا بأن التنمية المستدامة تحتاج إلى تضافر الجهود، حرصت نماء الخيرية على بناء شراكات استراتيجية مع جهات محلية ودولية لتعزيز أثر مشاريعها وتحقيق أهدافها التنموية، هذه الشراكات تساهم في توفير التمويل، وتبادل الخبرات، وتطوير البرامج التي تخدم الفئات المستهدفة بشكل أكثر كفاءة واستدامة.
إحدى أبرز هذه الشراكات كانت مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث تم الاتفاق على تقديم الدعم الصحي لـ320 فردًا، بالإضافة إلى تقديم 2000 استشارة صحية للاجئين في لبنان، مما يعزز من فرص حصولهم على الرعاية الطبية اللازمة.
كما أبرمنا اتفاقية مع الصندوق الوقفي للتنمية الصحية بإدارة الصناديق الوقفية في الأمانة العامة للأوقاف لعلاج 104 مرضى، منهم 82 يعانون من الروماتويد، و22 من التصلب العصبي. هذه الشراكة تمثل نموذجًا لكيفية الاستفادة من الموارد الوقفية في تقديم خدمات صحية مستدامة للأفراد الذين يعجزون عن تحمل تكاليف العلاج.
في المجال التعليمي، أطلقنا مشروع رعاية طالب العلم الجامعي ومشروع علمني ولك أجري ومن المشاريع الإغاثية، قمنا بالشراكة مع فريق المعالي التطوعي بتوزيع 250 سلة غذائية و400 سلة للتدفئة على اللاجئين السوريين في الأردن، ضمن جهودنا لدعم المتضررين في أوقات الأزمات، هذه المبادرات تعكس أهمية التعاون بين الجمعيات الخيرية والمتطوعين لتحقيق أكبر أثر ممكن للمساعدات الإنسانية.
إن العمل التنموي الذي تنتهجه نماء الخيرية يعكس تحولًا مهمًا في نهج العمل الخيري، حيث لم يعد يقتصر على تقديم المساعدات العاجلة، بل أصبح يركز على إحداث تغيير جذري في حياة المستفيدين، من خلال الشراكات الاستراتيجية والمشاريع المستدامة، تسعى نماء إلى خلق بيئة تساعد الأفراد على تحقيق الاكتفاء الذاتي وبناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولمجتمعاتهم، العمل الخيري لم يعد مجرد فعل إحسان، بل أصبح مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون بين جميع الأطراف لتحقيق التنمية الشاملة والارتقاء بحياة الإنسان.
نريد الحديث باستفاضة عن المشاريع التعليمية لدى نماء الخيرية حيث انها حجر الأساس في بناء المجتمعات؟
التعليم هو حجر الأساس لتنمية المجتمعات ونهضتها، وهو السبيل الأهم لتمكين الأفراد وتحقيق الاستقرار والتقدم، ومن هذا المنطلق، حرصت نماء الخيرية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، بالشراكة مع الأمانة العامة للأوقاف، على إطلاق مشاريع تعليمية نوعية تهدف إلى دعم الطلبة المحتاجين وإتاحة الفرصة لهم لاستكمال تعليمهم العالي، والمساهمة في بناء مستقبل مشرق لهم.
ومن بين هذه المشاريع الرائدة، يبرز مشروع طالب العلم الجامعي الذي يستهدف طلاب الجامعات، ومشروع “علِّمني ولك أجري”، وهو مبادرة تهدف إلى مساعدة الطلبة في مختلف المراحل التعليمية، مما يعكس التزام نماء الخيرية بدعم التعليم كوسيلة للتنمية المستدامة.
ويعد مشروع طالب العلم الجامعي أحد المشاريع التعليمية الرئيسية التي أطلقتها نماء الخيرية بالشراكة مع الأمانة العامة للأوقاف، وهو يهدف إلى توفير الدعم المالي للطلبة الجامعيين غير القادرين على تحمل تكاليف الدراسة، سواء في الكويت أو في الدول التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.
أما عن أهمية المشروع فتكمن في تخفيف الأعباء المالية عن الطلبة المحتاجين حيث يواجه العديد من الطلبة صعوبات في استكمال تعليمهم بسبب التكاليف العالية للرسوم الجامعية والمستلزمات الدراسية، فمن خلال هذا المشروع، يتم توفير الدعم اللازم لضمان استمرارهم في تحصيلهم العلمي دون عوائق بالإضافة إلى المساهمة في المساهمة في تمكين الشباب وتأهيلهم لسوق العمل فالتعليم الجامعي يفتح آفاقًا واسعة أمام الطلبة للحصول على فرص عمل أفضل، مما يعزز من قدرتهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي والمساهمة الفاعلة في تنمية مجتمعاتهم كما أن هذا المشروع يتماشى المشروع مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وخاصة الهدف الرابع الذي ينص على “ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع» فالتعليم هو المفتاح لبناء أجيال قادرة على مواجهة التحديات والتفكير بطرق إبداعية تسهم في إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية.
أما مشروع “علِّمني ولك أجري” فهو فرصة للجميع في طلب العلم وإيمانًا بأهمية التعليم في بناء المجتمعات، أطلقت نماء الخيرية، بدعم من الأمانة العامة للأوقاف، مشروع “علِّمني ولك أجري”، الذي يهدف إلى توفير الدعم التعليمي للطلبة في مختلف المراحل الدراسية، من الابتدائي إلى الجامعي، لمساعدتهم في تحقيق أحلامهم العلمية.
فالمشروع يستهدف دعم الطلبة المحتاجين في جميع المراحل الدراسية وهو يتيح المشروع الفرصة للطلبة الذين يواجهون صعوبات مادية في استكمال دراستهم، سواء في التعليم الأساسي أو الجامعي، مما يمنحهم الأمل في مستقبل أفضل ومن خلال المشروع نسعى إلى توفير المنح الدراسية والمستلزمات التعليمية ويشمل المشروع توفير الرسوم الدراسية، والكتب، والأدوات التعليمية، وحتى الدعم التقني للطلبة الذين يحتاجون إلى أجهزة لابتوب أو وسائل تعليمية رقمية ويُتيح المشروع للأفراد المساهمة في تعليم الآخرين، حيث يمكن للمتبرعين تمويل دراسة طالب معين، مما يعزز من روح التكافل الاجتماعي ويدفع المجتمع نحو الاستثمار في الأجيال القادمة.
< كيف ترى الشراكة مع أمانة الأوقاف?
- الشراكة بين نماء الخيرية والأمانة العامة للأوقاف نموذج للعمل التنموي المستدام حيث تعد هذه المشاريع التعليمية مثالًا بارزًا على الشراكة الاستراتيجية بين نماء الخيرية والأمانة العامة للأوقاف، حيث يجمعهما هدف مشترك يتمثل في تمكين الأفراد من خلال التعليم وضمان وصول الفرص التعليمية لمن يحتاجها.
فدعم التعليم يعني تمكين الأفراد من بناء مستقبلهم بأيديهم، وهو الأساس في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وعندما يحصل الطلاب على فرص تعليمية جيدة، فإنهم يصبحون أكثر قدرة على الحصول على وظائف وتحقيق الاستقلال المالي، مما يقلل من معدلات الفقر والبطالة كما أن التعليم يسهم في تعزيز السلام والتسامح، ويقلل من معدلات الجريمة، ويشجع على التفكير النقدي والإبداعي ومن خلال هذه المشاريع، تؤكد نماء الخيرية أن رسالتها تتجاوز مجرد تقديم المساعدات، فهي تسعى إلى إحداث تغيير حقيقي في حياة المستفيدين، عبر تزويدهم بالأدوات والفرص التي تمكنهم من تحسين أوضاعهم بأنفسهم وبفضل دعم الأمانة العامة للأوقاف، تحقق هذه المشاريع نجاحًا ملموسًا، حيث تمكنت من إيصال الدعم التعليمي لآلاف الطلبة، وإحداث أثر إيجابي يمتد لأجيال قادمة.