وعاد شهر الرحمة والغفران، أيام معدودات نغسل بها القلوب بالقرآن وقيام الليل والتراحم والتواصل لنلقي ما علق من الذنوب بالتوبة النصوح، وننهل من موسم سوف يعود، فهل سنعود نحن في سنوات قادمة لنغتنمه ونحيا مع نفحاته ما استطعنا، فكم من حبيب وقريب صامه معنا وهو اليوم في عالم آخر ينتظر الآخرة، وهو دورة تدريبية يمن المولى بها علينا لننهض بالهمم ونشمر سواعد العمل والبذل والعطاء ونعرف حاجة الفقراء ونؤهل أنفسنا لجعل العام كله «رمضان».
وعدت يا رمضان وجراح الأمة قد تعمقت وحفرت اخدودا في صخر التاريخ، سالت به على أيدي الظلمة دماء الأبرياء وتضاعفت به آلام المشردين من اجل كراسي زائلة وأمراض ينسبها البعض إلى الدين جهلا بحرمة النفس التي كرمها الله، حتى غدونا لا نتأثر بما نرى من إزهاق للأرواح وتشريد للنساء وزج بالأطفال في الحروب، وبسبب ما نرى من فظائع تزداد يوما بعد يوم قست قلوبنا وألفنا الدماء والأشلاء، فهل ستكون يا شهر الصيام خاتمة للكابوس الكبير ومخرجا إلى رحاب السلام والتعايش بعد معاركنا التي خسرنا فيها جميعا؟، هذا ما نأمل.
وفي بيتنا الصغير الذي نحلم أن نعيش فيه بسلام كأسرة واحدة يرحم ويحلم كبيرها ويتأدب صغيرها، ونتعاون بالحمد والشكر على صونه من غضب الله، ونعرف قدر النعمة التي بين أيدينا، ونتعاون على منع الفاسدين من العبث فيه، ونعيد بناءه على أسس من العدل وتكافؤ الفرص واحترام الإبداع والتميز بدلا من طغيان الحلول الأمنية التي تمزقنا.
ونغتنم حلول هذا الشهر الكريم برفع أسمى التبريكات إلى مقام صاحب السمو والد الجميع أمير البلاد حفظه الله ورعاه، وإلى مقام سمو ولي عهده الأمين حفظه الله، وإلى الشعب الكويتي وإخواننا المقيمين بحلول هذا الشهر الكريم، ونسأل الله أن يجعله شهر خير وبركة وأن يجعل بلدنا آمنا مستقرا، في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الأمير وولي عهده وأن يحفظه من كل مكروه وسوء إنه نعم المولى ونعم المجيب.